أخبار عاجلة
Black Mirror 6.. نتفليكس تسخر من نفسها في موسم أكثر كآبة

Black Mirror 6.. نتفليكس تسخر من نفسها في موسم أكثر كآبة

متابعة بتجــرد: بعد 4 سنوات على عرض موسمه الخامس، هاهو الموسم السادس من مسلسل “Black Mirror” يطل على مشاهديه عبر منصة نتفليكس، في ثوب جديد ومفهوم مختلف، يحتفظ من ماضيه بأفكاره المبتكرة، وعالمه الغرائبي، وشكواه المريرة من عالم يتراجع فيه الإنسان وتسيطر التكنولوجيا.

ظهر الموسم الأول من “Black Mirror” على القناة الرابعة البريطانية في 2011، وبعد موسمين رفضت الشركة المنتجة إصدار موسم ثالث منه، فقامت نتفليكس، في سيناريو مشابه لما حدث مع مسلسل “Money Heist” الإسباني، بشراء حقوقه وأنتجت الموسم الثالث في 2016.

وحظي العمل بنجاح وشعبية على مستوى العالم، أعقبته المنصة بموسمين آخرين، وفيلم “تفاعلي” بعنوان “Bandersnatch” عام 2018، يٌعتبر تجربة رائدة في الدراما التفاعلية، إذ يستطيع المشاهد أن يختار مسار القصة التي تعرض عليه من بين اختيارات متعددة يمكنه الضغط عليها باستخدام الـ”ريموت كونترول”. 

المسلسل  الذي يكتبه ويشرف عليه إبداعياً تشارلي بروكر، يتسم بفكرته المبتكرة، وعالمه الفريد، إذ يتكون كل موسم من 5 أو 6 حلقات فقط، كل منها تتناول قصة مختلفة بشخصيات وممثلين مختلفين، وتشكل كل منها فيلماً قصيراً مدته حوالي ساعة.

والشئ المشترك بين هذه الحلقات والمجموعات هو “المزاج العام” المتشائم من شكل الحياة في المستقبل، والنوع الفني الغالب عليها هو الخيال العلمي، مع خليط من البوليسي التشويقي، والغموض، ويغلب على الموضوعات فكرة استكشاف سلبيات التكنولوجيا الحديثة والذكاء الصناعي والسوشيال ميديا.

ومنذ نهاية موسمه الخامس في 2019 يمكن القول أن هناك مياها كثيرة جرت، حيث أصبحت التكنولوجيا أكثر حضوراً وتمكناً في حياة البشر، كما أصبحت محور عشرات الأفلام والمسلسلات، وبالتالي أصبح أمام صناع “Black Mirror” سؤالين حرجين: هل يعودوا بموسم جديد؟ وبأي شكل يعودون؟.

 والإجابة باختصار أن الموسم السادس يراهن على تقديم موضوعات وأنواع فنية أخرى، تبعد بالمسلسل كثيراً عن طبيعته التي اعتاد عليها المشاهد، ولكن تعوض ذلك بجرعة من المفاجآت القاسية في كل حلقة.

تحمل الحلقة الأولى عنوان “جون بشعة” Joan is Awful، وتدور حول امرأة اسمها “جون”، تلعب دورها آني ميرفي، وهي مديرة قاسية القلب في شركة كمبيوتر كبيرة، حائرة بين حبيب حالي، وحبيب قديم عاد فجأة.

تفاجأ بأن حياتها بتفاصيلها اليومية أصبحت محور مسلسل من بطولة النجمة سلمى حايك، يبث على منصة اسمها “ستريمبري”، سبق تصويرها في حلقات سابقة في مواسم سابقة، لكنها هنا تشبه “نتفليكس” إلى حد كبير.

تحاول “جون” منع بث المسلسل، وتنضم إليها سلمى حايك، لكنهما لا تستطيعان، إذ يتبين أن المنصة تعاقدت مع كل مشتركيها على إمكانية تحويل حياتهم لمواد درامية، وفيما يتعلق بسلمى حايك فقد تعاقدت المنصة معها (ومع عدد آخر من النجوم والنجمات، منهن كيت بلانشيت التي تلعب دور النجمة التي تمثل دور جون في نسخة سلمى حايك!)،  على استخدام صورهم المتحركة للعب أدوار في أي مواد ترغب المنصة في صنعها، دون أن يحق لهم الاعتراض على أي عمل أو دورهم فيه.

وعندما تقوم كل من “جون” (آني ميرفي) وسلمى حايك (الممثلة) تحطيم جهاز الكمبيوتر الذي يقوم تلقائيا بتحويل حياة بعض المشتركين في المنصة إلى مسلسلات عن طريق الذكاء الاصطناعي، يكون في انتظارهما مزيد من المفاجآت المدوية، التي تدير الرؤوس، وتضعنا أمام مستقبل تتلاشى فيه الحدود بين “الواقع” و”الافتراضي”، بين الحقيقة والصورة! 

فكرة الحلقة تعبر عن المعنى الذي يحمله اسم المسلسل “المرآة السوداء”، والتي يقصد بها شاشات أجهزة الكمبيوتر والهواتف المحمولة التي، حسب تعبير مؤلف العمل تشارلي بروكر في أحد حواراته، يحدق فيها المرء منتظرا أن يرى فيها نفسه ولكنه يقع في هاوية يمكن أن تكون انعكاساً للذات بعد تصفيتها عبر التكنولوجيا.

تدور الحلقة الثالثة التي تحمل عنوان (ما وراء البحر) “Beyond the Sea” في 80 دقيقة (ما يقرب من فيلم طويل)، وتدور حول رائدي فضاء هما “ديفيد” (جوش هارتنت)، و”كليف” (أرون بول) يسافران في مهمة لاستكشاف الفضاء تستغرق سنوات في زمن يشبه، أو مواز، لستينيات القرن الماضي، لكنه أكثر تقدماً تكنولوجياً، وأكثر غرابة، إذ تم عمل نسخة Replicant صناعية من الرجلين تعيش على الأرض (أشبه بأفاتار) يمكن أن يعودا إليها بعقليهما في أي وقت.

لكن بعض الهيبيين يقتحمون بيت ديفيد ويدمرون نسخته الآلية ويقتلون زوجته وأطفاله، فيتحطم نفسياً، وحيداً في الفضاء، عاجزاً عن العودة إلى الأرض بعد تحطيم “أفاتاره”، وفي محاولة للتخفيف عنه يقترح عليه زميله أن يمنحه نسخته ليعود من خلالها إلى الأرض لبعض الوقت.. ولكن ما يبدو أنه حل إنساني يتحول إلى مأساة.

باستثناء هاتين الحلقتين تتناول الحلقات الثلاث الأخرى موضوعات متنوعة تتراوح بين الجريمة والرعب، تدور في أزمنة قديمة، وتعتمد على المفاجآت غير المتوقعة. تحمل الحلقة الثالثة عنوان لوك هنري، وتدور في قرية إسكتلندية نائية، حيث يعود صانع أفلام ناشئ شاب بصحبة حبيبته لزيارة أمه الأرملة، وتصوير فيلم عن البيئة، ولكن يقرر الإثنان صنع فيلم عن أبشع جريمة عرفتها القرية منذ عقدين مضيا، لتتوالى المفاجآت غير المتوقعة، من الطريف أن هذه الحلقة تشهد سخرية أخرى من صيغ وشروط إنتاج المنصات، وبالتحديد منصة “ستريمبري” التي تشبه نتفليكس إلى حد كبير!.

تدور الحلقة الرابعة التي تحمل عنوان “ميزي ديزي” حول ظاهرة “الباباراتزي”، المصورين الصحفيين الذين يلاحقون النجوم والشخصيات العامة بلا رحمة، حتى لو أدى الأمر إلى كوارث، وتبدأ الحلقة بانتحار أحد الشخصيات العامة بعد كشف إحدى علاقاته الخاصة، ولكن هذه مجرد البداية، وما خفي كان أعظم.

وأخيرا تدور الحلقة الخامسة والأخيرة التي تحمل اسم “شيطان 79” في نهاية سبعينيات القرن الماضي، حول فتاة هندية مهاجرة تعيش وحيدة في بريطانيا، وتعاني من عنصرية زملاءها وجيرانها وأحد المرشحين السياسيين، تكتشف ذات يوم طلسماً غريباً، يخرج منه جني يتنكر في هيئة عضو فريق “بوني إم” الغنائي، ويخبرها أن عليها قتل 3 أشخاص في 3 أيام، حتى لا تنشب حرب نووية وينتهي العالم.

تعاني الحلقتان الرابعة والخامسة من الهزال الدرامي، وتبتعدان عن العالم الذي اتسم به المسلسل في مواسمه السابقة، ولكن يحسب للموسم الجديد عدم تكراره لنفسه، ومحاولته الخروج عن التوقعات، كما يحسب له الاستعانة بعدد كبير من نجوم الدراما والسينما، الذين جذبهم بالقطع نجاح وشهرة المواسم السابقة، وتظل ميزته الرئيسية أنه يمكن مشاهدة أي حلقة منه منفردة، كعمل مستقل، لا تؤثر جودته أو ضعفه على مشاهدة باقي الحلقات.

إلى الأعلى