أخبار عاجلة
لغز موت بروس لي.. بكثير من الماء والماريوانا

لغز موت بروس لي.. بكثير من الماء والماريوانا

نقلنا لكم – بتجــرد: لا يزال رحيل الممثل بروس لي، الذي لفت انتباه العالم الغربي إلى الكونغ فو، واشتُهر بمقولته: “كن ماء يا صديقي”، غامضاً حتى بعد مرور خمسين عاماً عليه. وقد تكون هذه المقولة التي آمن بها، لعبت دوراً في وفاته.

اليوم، وبعد مراجعة الأدلّة، تكشف حقائق جديدة أنّ بروس لي، تناول كميات كبيرة من المياه خلال وجوده في هونغ كونغ، في صيف 1973، ما أدّى إلى تورّم في الدماغ، ورحيله عن عمر يناهز 32 عاماً. فالمياه التي لا حياة من دونها، كانت كفيلة في القضاء على أسطورة الكونغ فو.

كتب فريق الخبراء في “مجلة الكلى السريرية”، أنّ سبب وفاة بروس لي، كان وذمة دماغية، ناجمة عن نقص صوديوم الدم، ما يعني أن مستوى الصوديوم في الدم الذي يحتاجه جسم الإنسان لتوازن السوائل، كان منخفضاً بشكل غير طبيعي. ويؤدي عدم التوازن إلى تضخم خلايا الجسم، بما في ذلك خلايا الدماغ. وبعبارة أخرى، اقترحوا أن فشل الكلى في إفراز الماء الزائد أدى إلى موته.

وبطبيعة الحال، اختلفت تحاليل الأطباء قبل 50 عاماً تقريباً، عندما شُرّحت الجثة، وقالوا آنذاك إنّ سبب موته ناجم عن تناوله مسكناً للألم، أدّى إلى تورّم في الدماغ. كذلك، أثيرت في ذلك الوقت العديد من نظريات المؤامرة والشائعات حول رحيله المفاجئ، بما في ذلك احتمال تعرضه للاغتيال من قبل العصابات الصينية، أو تسميمه من قبل عاشق غيور. وآمن آخرون بنظرية اللعنة، فظنوا أنّه مات لأنّ لعنة أصابت عائلته، إذ رحل براندون لي، ابنه، عن 28 عاماً، عند إطلاق رصاصة حية عليه خلال تمثيله في فيلم، وتوفي شقيقه الأكبر قبل أن يتجاوز الثلاثة أشهر في ظروف غامضة. وظهرت نظرية في عام 2018، قالت إن وفاته جاءت نتيجة ضربة شمس.

في المقابل، يوضح الخبراء اليوم، أنّ نقص صوديوم الدم لدى بروس لي، جاء نتيجة عوامل عديدة، أبرزها تناول السوائل بكثرة لفترة طويلة، وتعاطيه الماريوانا، إذ عزّزت الأخيرة من إحساسه بالعطش الحاد. كذلك، أدّى تناوله الكحول والعقاقير (مدرات البول، العقاقير غير الستيرويدية المضادة للالتهابات، المواد الأفيونية، الأدوية المضادة للصرع)، إلى تقليل قدرة الكلى على إفراز الماء.

أمّا الرواية التي نشرت علانية حول رحيل بروس لي يوم وفاته، فتقول إنّه توجه برفقة منتج أفلامه، ريموند تشاو، إلى منزل بيتي تينغ بي، التي كان يُعتقد أنها عشيقته. وأمضى معها ساعات، تعاطى خلالها الماريوانا. وفي المساء، بعد مغادرة تشاو، عانى بروس لي من صداع ودوخة عقب تناوله المياه، فأعطته بيتي تينغ مسكناً للألم، وذهب إلى غرفة النوم ليرتاح. وكانت الصدمة عندما وجدته، بعد ساعتين، فاقداً للوعي. يُقال إنّها اتصلت على الفور بـ تشاو، وحاولت إيقاظه، لكن من دون جدوى، ومع فشل محاولة الطبيب في إنعاش القلب والرئة لمدّة عشر دقائق، نُقل بروس لي إلى أقرب مستشفى، حيث أُعلن عن رحيله.

وعند تشريح الجثة، لم تكن هناك علامات على إصابات خارجية أو لدغة لسان. لكن تبيّن أنّ وزن الدماغ وصل بسبب الوذمة الدماغية الشديدة إلى 1575 غم مقارنة، بالوزن الطبيعي البالغ 1400 غم، وكانت هناك آثار للماريوانا في المعدة. وحكم آنذاك أنّ السبب الرسمي لرحيل بروس لي، هو الوذمة الدماغية الناجمة عن فرط الحساسية تجاه مسكن الألم Ocugesic. لكن ما أثار الشكوك، هو أنّ بروس تناول هذا المسكن مرّات عديدة من قبل. لذلك، رجّح آخرون أن يكون الصرع سبب الوفاة، على الرغم من أنه لم يُجرِ أي تشخيص للصرع.

ففي 29 و30 مايو/أيار 1973، خضع بروس لي لتقييم عصبي كامل: “دراسة جسدية كاملة ودراسة تدفق الدماغ ومخطط كهربائي للدماغ”، راجعها طبيب الأعصاب ديفيد ريسبورد، ولم يجد أي تشوهات في وظائف دماغه. في الحقيقة، لم يكن بروس لي مصاباً بالصرع المزمن، مع أنّه كان يخضع للعلاج بالعقاقير المضادة للصرع، لكن لم يُعثر على عضة لسان عند التشريح، وهو ما يحبط هذه النظرية.

وما يزيد من التأكيد على صحة الدراسة الجديدة، هو أنّ زوجته ليندا، كشفت أنّ بروس لي كان يتبع نظاماً غذائياً يعتمد على السوائل من الجزر وعصير التفاح في الفترة التي سبقت رحيله. وأيضاً، إشارة، ماثيو بولي، الذي كتب سيرة بروس لي في عام 2018، إلى تناوله الماء بكثرة، وتعاطيه القنّب بشكل متكرّر ليلة رحيله في 20 يوليو/تموز 1973.

وبالفعل، خلصت الدراسة الحديثة، إلى الافتراض بأن بروس لي، رحل بسبب نوع محدّد من الخلل الوظيفي في الكلى، وهو عدم القدرة على إفراز كمية كافية من الماء للحفاظ على توازن الماء في الجسم، وهي وظيفة أنبوبية بشكل أساسي، ما يؤدي إلى نقص صوديوم الدم، ووذمة دماغية (تورم الدماغ)، والموت في غضون ساعات، في حال لم يقابل تناول الماء الزائد، إفراز الماء في البول. وهذا ما يتماشى في الواقع مع الجدول الزمني لوفاة بروس لي. وجاء رحيل بروس لي قبل أسابيع قليلة من إطلاق فيلم Enter The Dragon، أول فيلم كبير من إنتاج الغرب عن الكونغ فو.

وبرغم حياته القصيرة، ألهم بروس لي الملايين من الناس، وأثار فضول العالم نحو فنون الدفاع عن النفس. بدأ في سن الـ 13 عاماً بتعلّم فنون الدفاع عن النفس. وما أن بلغ الـ 18، حتى سافر إلى الولايات المتحدة، حيث درس الدراما والفلسفة، وافتتح مدرسة فنون الدفاع عن النفس. كان أوّل ظهور له على شاشة التلفزيون الأميركي وهو في الـ 26 من العمر، بدور مقاتل بارع في فنون الدفاع عن النفس. وعاد إلى هونغ كونغ في سن الـ 29، حيث أصبح كاتباً ومخرجاً وممثلاً رئيسياً ومصمم رقصات مشهد القتال.

ولغاية يومنا هذا تُعرض أفلامه، ويحاول ممثلون لعب أدواره. ففي عام 2019، مثّل دور بروس لي، مايك مو، في فيلم “ذات مرة في هوليوود” لمخرج الأفلام الأميركي، كوينتين تارانتينو.  صوّر الأخير لي متعجرفاً، ما أثار عضب ابنته، شانون لي (52 عاماً)، التي انتقدت تصوير تارانتينو لوالدها الراحل. وقالت إنّه يذكرها بكيفية معاملة “هوليوود البيضاء” له.
 
وفي رسالة مفتوحة نشرتها “هوليوود ريبورتر” في يوليو/تموز 2021، عبّرت شانون عن مشاعرها بوضوح. وكتبت: “تعبت حقاً من الرجال البيض في هوليوود الذين يحاولون إخباري من هو بروس لي”. وقالت إنّها ملّت من وصف الرجال البيض في هوليوود لوالدها بالمتعجرف، وهم لا فكرة لديهم ولا يمكنهم فهم ما كان يمكن أن يتطلبه الأمر للحصول على عمل في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي في هوليوود، كرجل صيني وشخص ملون”. وتتابع: “لقد سئمت من الرجال البيض في هوليوود الذين يجدون صعوبة كبيرة في تصديق أن بروس لي ربما كان جيداً حقاً في ما فعله، وربما عرف كيف يفعله بشكل أفضل منهم”.

إلى الأعلى