سيف نبيل بين بريق البدايات وتعثر الحاضر

رأي بتجــرد: شكّل اسم الفنان العراقي سيف نبيل منذ سنوات قليلة حالة لافتة في الساحة الغنائية العربية، مع انطلاقته الصاروخية بأغنيات حملت بصمة خاصة وقدرة على الوصول إلى الجمهور بسرعة. فقدّم “ليلة ورا ليلة”، “عشق موت”، “لو”، “غلاي إنت”، “دايخ بيك”، “قلب ثاني”، و”بس تعال”، وصولاً إلى الديو الناجح “ممكن” إلى جانب الفنانة بلقيس فتحي، الذي تحوّل إلى أحد أبرز الأعمال العربية في تلك المرحلة. حينها، لم يكن مبالغاً القول إن سيف نبيل يقف على أبواب الصفوف الأولى، وأن مسيرته تتجه نحو ترسيخ جماهيريته كأحد أبرز النجوم الصاعدين.
لكن مسار النجاحات المتصاعدة لم يستمر على الوتيرة نفسها. شيئاً فشيئاً بدأت علامات التراجع تظهر، لتطرح أسئلة جدية حول خياراته الفنية وقدرته على الحفاظ على زخمه الجماهيري. بدا وكأنه فقد البوصلة في انتقاء الأغنيات التي تحمل عناصر “الضربة” القادرة على تثبيت اسمه.
ألبوم “The Collection”: محاولة لم تكتمل
بلغ هذا التراجع ذروته مع طرح ألبومه الأخير “The Collection”، الذي أراده سيف نبيل محطة جديدة لاستعادة مكانته. حرص على تقديمه ضمن احتفالية في لبنان، قيل إنها موجهة للإعلاميين، لكنها لم تنجح في جذب الصحافة الفنية البارزة، ما قلل من الزخم الإعلامي المفترض أن يرافق إطلاق أي ألبوم كبير.
الألبوم المؤلف من عشر أغنيات (“أخذ الروح”، “راسلْتك”، “عم جن”، “أم الشامات”، “يا مهيوب”، “آه من الشوق”، “فريدة”، “ملامحي”، “فوضى”، “يمكحله”) لم يتمكن حتى الآن من تحقيق الانتشار المأمول، رغم الحملات الدعائية المكثفة عبر “غوغل آدز” ويوتيوب. ورغم الاستماع الأولي لبعض الأغنيات، بدا واضحاً أن العمل لم يحمل “الأغنية الضاربة” التي تُعيد الفنان إلى دائرة المنافسة القوية.
ضعف واضح في التوزيع الموسيقي
إلى جانب غياب الأغنية القوية، بدا الضعف في التوزيع الموسيقي أبرز ملامح الألبوم. الأغنيات جاءت بتوزيع تقليدي، أقرب إلى البدائي في بعض الأحيان، خالٍ من أي ابتكار أو روح إنتاجية جديدة تواكب التطور العالمي في الصناعة. وهو ما شكّل صدمة لجمهور اعتاد من سيف نبيل مستوى موسيقي أكثر عصرية وحداثة، وكان من بين نقاط قوته الأساسية في بداياته.
الحاجة إلى مراجعة فنية
ما يواجهه سيف نبيل اليوم ليس نهاية المسار، بل ربما مرحلة طبيعية يمر بها أي فنان بعد انطلاقة قوية. الجمهور الذي أحب بداياته ينتظر منه اليوم مراجعة شاملة لخياراته، سواء على صعيد الألحان أو الكلمات أو التوزيع الموسيقي. فالمطلوب ليس فقط البحث عن أغنية ضاربة جديدة، بل صياغة هوية متجددة تُعيد له التميز وسط ساحة مزدحمة بالأصوات والأنماط.
خاتمة
يبقى سيف نبيل صاحب موهبة وقدرة واضحة على الأداء والانتشار، لكن النجاح في عالم الغناء لا يقتصر على الصوت أو الحضور، بل يتطلب أيضاً رؤية واضحة وإدارة دقيقة للمسار الفني. التحدي أمامه اليوم هو استعادة البريق عبر أعمال تحمل روحاً جديدة وتُثبت أن ما قدّمه لم يكن مجرد نجاح عابر، بل مقدمة لمسيرة قادرة على الاستمرار والرسوخ.