الإعلام يتحدى السلاح.. صوت الحقيقة من غزة للعالم

متابعة بتجــرد: قد يشهد هذا الأسبوع محطة فارقة في تاريخ الإعلام العالمي، بعدما سلطت صحيفة “فايننشال تايمز” الضوء على أن عدد الصحافيين الذين قُتلوا في الحرب الإسرائيلية على غزة هو الأكبر في التاريخ، معتبرة استهدافهم المتعمد “جريمة حرب” غير مسبوقة.
في مواجهة آلة الحرب، نجح عدد من المراسلين والمؤسسات الإعلامية حول العالم في التأثير على الرأي العام بشكل فاق ما حققته صفقات الأسلحة والتحركات الدبلوماسية، ليصبح الإعلام أداة أقوى من الصواريخ في معركة الوعي.
إحدى أبرز المحطات كانت استضافة برنامج “نيلك” الكندي-الأمريكي الشهير، الذي يتابعه ملايين الشباب، للإعلامي المصري باسم يوسف، في حلقة مباشرة هي الأولى في تاريخ القناة، جاءت بعد أيام من استضافة بنيامين نتنياهو. باسم واجه الأكاذيب بحقائق وأرقام صادمة، أبرزها تخصيص الولايات المتحدة أكثر من 17.5 مليار دولار لدعم إسرائيل بالسلاح الذي يقتل أطفال غزة، محققاً خلال 3 أيام أكثر من مليوني مشاهدة، متجاوزاً حلقة نتنياهو التي لم تصل بعد 15 يوماً إلى 1.8 مليون مشاهدة.
رمزية ظهوره كانت حاضرة أيضاً، إذ ارتدى قميصاً يحمل علم فلسطين على قلبه، تعود أرباحه لمجموعة “طيور غزة” من راكبي الدراجات مبتوري الأطراف. الحلقة تحولت إلى اختراق بارز للسردية الإسرائيلية داخل منصة أمريكية ضخمة، مؤثرة في شريحة شابة بعيدة عن الإعلام التقليدي.
في المقابل، واصل الإعلامي البريطاني بيرس مورغان على الضفة الأخرى من الأطلسي مواجهة قادة الاحتلال ومتحدثيهم، محرجاً إياهم بأسئلة مباشرة عن قتل الأطفال، وداحضاً رواياتهم على الهواء، رغم حملات اتهامه بـ”معاداة السامية”.
مأساة الإعلاميين في غزة مستمرة، إذ ارتفع عدد الصحافيين الشهداء إلى 237 منذ 7 أكتوبر 2023، بينهم أنس الشريف ومحمد قريقع، في استهداف متعمد يهدف إلى إسكات الكاميرات. ورداً على ذلك، وقعت أكثر من 50 مؤسسة إخبارية، بينها “فرانس برس” و”رويترز” و”بي بي سي” و”نيويورك تايمز” و”هآرتس”، رسالة مفتوحة تدعو إلى حماية الصحافيين وضمان حرية عملهم.
في زمن تتساقط فيه القنابل على غزة، يثبت الإعلام أنه خط الدفاع الأول عن الحقيقة، وأن الكلمة قد تتجاوز في أثرها وقع المدفع والصاروخ، رغم الثمن الباهظ الذي يدفعه الصحافيون على هذه الأرض.