في عصر قلّ فيه الإبداع وإجتاحه التكرار الروتيني على مختلف الساحات وخاصةً المجال الفني، خرجت النجمة اللبنانية هيفاء وهبي في ثاني عمل سينمائي لها “حلاوة روح” على الجمهور بفيلم كتب عنه الكثير وأجمعت عليه الأقلام النزيهة والبعيدة عن الضغينة والحقد لتأكد أنه من أجمل الأعمال وأكثرها صدقاً وصعوبة. أكتب اليوم هذه السطور كمشاهد عربي أولاً، وكصاحب قلم ومنبر حرّ للوقوف عند هذا الإنتصار الذي كانت بطلته نجمة أثبتت أن موهبتها لا تعرف حدود فتبحث وفي كل مرّة عن كل ما هو جديد لتقديمه لجمهورها الوفي الذي وقف إلى جانبها في كافة المراحل وساندها إيماناً منه بها.
هيفاء وهبي لم تجمع حشود غفيرة خلال إفتتاح “حلاوة روح” في لبنان وحسب، لم تقلب الموازين في ليلة واحدة، بلّ إكتسحت الصالات منذ حينها فأعادت تنشيط شباك التذاكر الذي إشتاق خلال الفترة الطويلة الماضية لتدافع جماهيري على عمل إجتمعت فيه جرعات عالية من التمثيل المحترف، المشاعر الجياشة، الدموع الصادقة، والتحدّي الذي لم تفارقه بسمة النصر. وكيف لا تجتمع فيه كل هذه العوامل إن كانت البطلة فيه بجدارة هيفاء وموهبتها الصارخة التي تخترق وتتسلق أعلى القمم لترفع راية النصر؟
قد تكون “روح” أكثر شخصيات الشاشة الكبيرة تركيباً وصعوبة، وتجسيدها لا تستطيع عليه إلاّ إمرأة واحدة تجمع خلف جمالها قدرات تمثيلية صارخة تحوّل الضعف إلى قوّة والأنوثة وسيلة للوصول إلى غاية واحدة التغلب على مجتمع كان مجحفاً في حقّها. فأبدعت هيفاء في أداء الشخصية وتخطت كل التوقعات لتؤكد أن للفنّ أسياده وللتمثيل أبطاله وللنجاح رونقه الخاص … معها.
أمّا مخرج العمل سامح عبد العزيز فقد أبدع بكل ما لكلمة إبداع من معنى وأعطى الصورة رونقاً خاصاً بدرجات عالمية ساهمت في وصول “حلاوة روح” إلى المشاهد بأسلوب متّقن وحرفية عالية فأضاف بخبراته للعمل والممثلين المشتركين فيه الكثير.
هيفاء وهبي أنت لم تنجحي، لا بل تغلّبت وإنتصرت فهنيئاً لك إحتلالك المرتبة الأولى وتحطيم عملك الجديد “حلاوة روح” الإيرادات في مختلف الدّول العربيّة، وهنيئاً للساحة الفنية، الجمهور ولنا نجمة بحجمك عرفت كيف تحافظ على حلفها مع التألق الإبداع والريادة لتحتكر معانيها العريضة بحروف إسمها الخمس.