أخبار عاجلة
مغامرة مانتي تيو العاطفية في وثائقي: الحبيبة التي لم تكن موجودة

مغامرة مانتي تيو العاطفية في وثائقي: الحبيبة التي لم تكن موجودة

متابعة بتجــرد: بعد مضيّ أحد عشر عاماً على الحادثة، لا يزال لاعب كرة القدم الأميركي، مانتي تيو (Manti Te’o)، يروي تفاصيل قصّة حبه الموؤودة والدموع تملأ عينيه. لم تكن مغامرته العاطفية تلك مجرد علاقة باءت بالفشل، بل أصبحت، لما فيها من تراجيديا، تتصدر الصفحات الأولى من الصحف الرياضية وغير الرياضية.

لطالما سُلطت الأضواء على الحياة الشخصية للمشاهير، فلم تتوانَ وسائل الإعلام عن تناول أسرارها والتنقيب في خفاياها، وهذا ما حدث مع تيو، بطل الجزء الأول من الفيلم الوثائقي The Girlfriend Who Didn’t Exist المعروض ضمن سلسلة “لا توصف” – Untold، التي تتناول قصصاً وخبايا من عالم الرياضة من إنتاج منصة نتفليكس. السلسلة تعيد فتح ملفات لم تطوَ بعد من عالم الرياضة، وُضِعَ أبطالها في مواجهة مباشرة مع وسائل الإعلام بصفتها الطرف المضاد المسؤول عن إعادة صياغة القضايا وتصديرها إلى الرأي العام.

في عام 2012، جمعت الأقدار مانتي تيو، نجم فريق نوتردام لكرة القدم، بالفتاة الجامعيّة ليناي كيكوا على “فيسبوك”. سرعان ما سلكت علاقتهما طريق الحب. استمرت نحو عام، حتى رحلت الفتاة بعد معاناتها مع سرطان في الدم. تصل المأساة إلى أوجها مع رحيل جدة تيو في اليوم ذاته، قبل ساعاتٍ من وفاة حبيبته. إلى هنا تبدو الرواية ممكنة الحدوث، وفي حال توقفت عند مصابه الأليم هذا لنال تيو تعاطفاً كبيراً من الجمهور، لكن عندما شرعت الصحافة بالتحقيق في ملابسات الوفاة، اكتشف فريق من الصحافيين الاستقصائيين، بعد مرور أربعة أشهر على الحادثة، أن كيكوا لم تكن موجودة، وذلك بعد أن تحققوا من عدم وجود سجل لميلادها أو وفاتها، ما تركهم أمام سؤال عريض: من يقف وراء هذه الشخصية؟

بعد تنقيب دقيق، وصل الصحافيان تيموثي بيرك وجاك ديكي، اللذان كانا يعملان في صحيفة ديدسبين الرياضية، إلى الطرف الأهم في القصة، أي الشخص الذي أبدع سيناريو الحب المزعوم وأشرك تيو فيه، ألا وهو رونايا تواسوسوبو Ronaiah Tuiasosopo الذي كان حينها رجلاً مهووساً بتيو (قبل أن يجري عملية يتحول فيها إلى امرأة)؛ فأوقع الأخير في فخ الانتحال الإلكتروني مستخدماً اسماً وصوراً مستعارة لفتاة بالعشرينيات تدرس في جامعة ستانفورد.

شاعت الواقعة وغزت الصحف ووسائل الإعلام. وفضلاً عن الصدمة القاسية التي تعرض لها تيو جرّاء الحادثة، وجهت آلة الإعلام أصابع الاتهام إليه، متهمةً إيّاه بالتورط في افتعال قصة حب مزيفة كمحاولة لإخفاء ميوله المثلية. ما زاد الأمر تعقيداً وحبسه في دائرة الشبهات، هو أن تيو أخبر والديه بأنه التقى بليناي شخصياً من قبل، لكن حقيقة الأمر أن تواسوسوبو كان يقدم الأعذار عندما يطلب تيو الاجتماع به أو التحدث إليه عبر الفيديو، والعلاقة هذه لم تتعدَ المحادثات والاتصالات الهاتفية.

أصبحت مساحة تيو الشخصية مادة يومية للاستهلاك والانتهاك الإعلامي بكافة مستوياته ومختلف برامجه، وصل الأمر لتصبح قصته بكل ما فيها من مأساوية مجالاً للسخرية في برامج الترفيه التلفزيونية، كما أفرِد لأجلها حيز لكاريكاتيرات في أكبر الصحف الأميركية، ما كاد أن يودي بحياة تيو الرياضية والعاطفية.

يُضاف إلى ذلك عنوان عريض في مجلة رياضية أميركية، يضع تيو جنباً إلى جنب مع لانس أرمسترونغ وتايغر وود، كأكثر الرياضيين المكروهين في العالم. ويعلق الصحافي الذي كان مسؤولاً عن كشف حيثيات القضية، أنه أدرك بعد انتشار هذه القصة محدودية سيطرة الصحافة على تلقي الناس لظاهرة ما.

بهدف تبرئة نفسه ومجابهة الأصوات التي تهافتت ضده، استخدم تيو المنابر ذاتها ليشرح ملابسات القصة فظهر في برنامج كاتي كوريك، ونشر رسائل كيكوا الصوتية ليثبت أنّ شريكته السابقة كانت أنثى بالفعل، بينما ظهر رونايا مع دكتور فيل واعترف بالخديعة محاولاً تبرير فعلته بأنّ الحب هو ما دفعه نحو الاحتيال.

يحاول المخرج، توني فاينوكو، في هذا الوثائقي، نبش السردية القديمة وإعادة صياغتها بمقابلات شملت أغلب أطراف القصة، بدءاً من الصحافيين اللذين كشفا ما وراء الحادثة، وكان هدفهما من إثارتها هو تلقين وسائل الإعلام الكبيرة درساً في التحقق من معلوماتها. لكنّ هذه الغاية سلكت طريقاً آخر، وصولاً إلى بطلي الحكاية مانتاي تيو ورونايا تواسوسوبو، مع عرض مقاطع أرشيفية تبرز التغطية الإعلامية وانعكاسها على مجرى حياة بطلها تيو.

إلى الأعلى