أخبار عاجلة
هكذا ستنعش عودة ترامب إلى “ميتا” حملته الانتخابية

هكذا ستنعش عودة ترامب إلى “ميتا” حملته الانتخابية

متابعة بتجــرد: لم ينفق أي سياسي، أو يجمع أموالاً عبر منصتي فيسبوك وإنستغرام، كما فعل دونالد ترامب. منح الرئيس الأميركي السابق والفريق التابع له “ميتا” أكثر من 159 مليون دولار، لشراء أكثر من 1.3 مليون إعلان مميز على منصتيها، وذلك منذ مايو/ أيار عام 2018، حين بدأت الشركة بالاحتفاظ بسجلاتها العامة. لكنه حين أعلن ترشحه للرئاسة الأميركية مجدداً، في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، كانت الإعلانات وحملات جمع التبرعات قد توقفت كلها تقريباً.

غير أن القرار الذي أعلنت عنه “ميتا” الأربعاء، بالسماح بعودة ترامب إلى منصتي فيسبوك وإنستغرام، خلال الأسابيع القليلة المقبلة، يمهد لإعادة الحياة إلى الشراكة المالية بين الطرفين، خاصة بعدما أثبتت أهميتها في حملتي 2016 و2020. ووفقاً لصحيفة واشنطن بوست، فإن الدائرة المقربة من ترامب يُتوقع أن تتحرك بسرعة، للاستفادة من الفرصة الجديدة، وقد راجعت أيضاً عودة ترامب إلى “تويتر”، بعدما رفع المالك الجديد للمنصة إيلون ماسك حظراً كان مفروضاً على حسابه، كما رفع الحظر عن الإعلانات السياسية الساري منذ 2020.

وفي هذا السياق، قال مستشار ترامب جيسون ميلر إنها “مسألة وقت ليس إلا”، عند حديثه عن عودة ترامب إلى منصة فيسبوك التي وصفها بأنها “وقود صاروخي” بالنسبة لحملات التبرع التي تطلقها حملته. وفقاً لمركز السياسة المستجيبة Center for Responsive Politics جمع ترامب 378 مليون دولار من المانحين الذين قدّم كل منهم أقل من 200 دولار في دورة انتخابات 2020، أي نحو 49 في المائة من إجمالي أمواله. ليس من الواضح حجم المبلغ الذي وصل إليه عن طريق “فيسبوك” و”إنستغرام”، لكن المنصات تعدّ عموماً قنوات أساسية لجذب صغار المتبرعين.

لدى ترامب بالفعل 34 مليون متابع على صفحته في “فيسبوك”، أي سبعة أضعاف حجم متابعيه على الشبكة الاجتماعية التي يمتلكها جزئياً؛ تروث سوشال. يعتبر المستشارون السياسيون الجمهوريون أن “فيسبوك”، الأكبر والأقدم والأكثر تحفظاً من منصات التواصل الاجتماعي الأخرى، هو أحد أفضل الطرق للوصول إلى المانحين. وفقاً لمركز ابتكار الحملة Center for Campaign Innovation، وهو مجموعة بحثية غير ربحية محافظة، يستخدم 46 في المائة من المتبرعين للحزب الجمهوري “فيسبوك” يومياً.

أما ترامب نفسه، فلم يبد اهتماماً بـ”فيسبوك” كذلك الذي أولاه لموقع تويتر، رغم أن مساهمة الأول في تمويل عملياته السياسية كانت أكبر، وفق ما كشفت مصادر مطلعة، شرط عدم الكشف عن هويتها، لـ”واشنطن بوست” الخميس. وقال مستشاران سابقان إن “فيسبوك” كان يُنظر إليها على أنها “وسيلة لكسب المال” أكثر من “تويتر”، وكان المستشارون محبطين، لأن تعليق حسابه على هذه المنصة سيجعل من الصعب جمع الأموال.

كانت شركة ميتا العملاقة قد أعلنت الأربعاء أنها تعتزم السماح قريباً بإعادة تفعيل حسابَي دونالد ترامب على “فيسبوك” و”إنستغرام”، بعد عامين من حظرهما، في أعقاب اعتداء أنصاره عام 2021 على مبنى الكابيتول الأميركي. وقال رئيس “ميتا” للشؤون الدولية، نيك كليغ، في بيان: “سنعيد تفعيل حسابي السيد ترامب على فيسبوك وإنستغرام في الأسابيع المقبلة”، وأضاف أن ذلك سيترافق مع “قواعد حماية جديدة”، لمنع تكرار المخالفات السابقة. وأشار كليغ الى أنه من الآن فصاعداً، يمكن تعليق حساب الزعيم الجمهوري لمدة تصل إلى عامين عن كل انتهاك لسياسات المنصة.

ولم يكن من الواضح متى أو إن كان ترامب الذي أعلن ترشحه للرئاسة للمرة الثالثة يرغب في العودة إلى المنصتين. لكن الملياردير البالغ 76 عاماً ادعى متبجّحاً أن تغييبه أدى الى خسارة منصة فيسبوك “مليارات الدولارات” من قيمتها. وحذّر، عبر “تروث سوشال”، من أن “شيئاً كهذا لا يجب أن يحصل مجدداً لرئيس خلال ولايته، أو لأي شخص آخر لا يستحق العقاب”.

“فيسبوك” حظرت ترامب بعد يوم من تمرد 6 يناير/ كانون الثاني 2021، عندما حاولت مجموعة من أنصاره منع تنصيب جو بايدن رئيساً، من خلال اقتحام مبنى الكابيتول في واشنطن. وكان نجم تلفزيون الواقع السابق وقطب العقارات قد أمضى أسابيع في الترويج لمزاعم بأن الانتخابات الرئاسية سُرقت منه، ولاحقاً حوكم بتهمة التحريض على أعمال الشغب. وكان محاميه سكوت غاست قد وجّه رسالة إلى شركة ميتا الأسبوع الماضي، طلب فيها عقد اجتماع، لمناقشة “إعادة ترامب الفورية للمنصة” التي يبلغ عدد متابعيه عليها 34 مليوناً، باعتبار أن وضعه كمنافس رئيسي على ترشيح الحزب الجمهوري للرئاسة يبرر إنهاء الحظر. قال غاست أيضاً إن مجموعة ميتا “شوّهت بشكل دراماتيكي الخطاب العام وكبتته”.

رأى المدير التنفيذي للاتحاد الأميركي للحريات المدنية أنتوني روميرو أن شركة ميتا “تتخذ القرار الصحيح” بالسماح لترامب بالعودة إلى “فيسبوك” و”إنستغرام”. وأضاف روميرو في بيان: “شئنا أم أبينا، فإنّ الرئيس ترامب هو إحدى الشخصيات السياسية البارزة في البلد، ولدى الجمهور اهتمام كبير بسماع خطابه. في الواقع، انتهى الأمر ببعض أكثر منشورات ترامب هجومية على وسائل التواصل الاجتماعي إلى أن تكون دليلاً حاسماً في الدعاوى القضائية المرفوعة ضده وضد إدارته”. الاتحاد الأميركي للحريات المدنية رفع أكثر من 400 دعوى قضائية ضد ترامب، وفقاً لمديره التنفيذي أنتوني روميرو.

غير أن بعض المنظمات، مثل “ميديا ماترز فور أميركا” Media Matters for America، تعارض بشدّة السماح لترامب باستغلال المساحة على “فيسبوك” للتأثير على مستخدمين. وقال رئيس هذه المنظمة أنجيلو كاروسوني: “لا تخطئوا. فبالسماح لدونالد ترامب بالعودة إلى منصات ميتا، فإنها تغذي محركه للتضليل والتطرف”. وأضاف كاروسوني: “لن يكون لذلك تأثير فقط على مستخدمي إنستغرام وفيسبوك، بل إنه يمثل تهديدات مكثفة للمجتمع المدني وتهديداً وجودياً لديمقراطية الولايات المتحدة ككلّ”.

وأوصت لجنة تابعة للكونغرس الأميركي، في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، بمحاكمة ترامب لدوره في الهجوم على الكابيتول. وحُظر حساب ترامب على “تويتر” الذي يضم 88 مليون متابع مباشرة بعد أعمال الشغب، ما دفع الرجل للتواصل مع أنصاره عبر منصته الخاصة تروث سوشال حيث لديه أقل من خمسة ملايين متابع. ويعود بعض الفضل في فوز ترامب المفاجئ في الانتخابات الرئاسية عام 2016 إلى تأثيره الهائل على وسائل التواصل الاجتماعي.

ويعتقد الأستاذ في شبكات التواصل الاجتماعي في جامعة فلوريدا أندرو سيليباك أن شركة فيسبوك لا تريد معاداة أو إقصاء البرلمانيين المؤيدين لترامب الذين قد يحتجّون إذا بقي مُبعَداً عن المنصة لفترة أطول. وكتب سيليباك على “تويتر”: “يحتاج ترامب إلى المنصة لجمع الأموال، وفيسبوك لا تريد أن تُستدعى أمام الكونغرس”. وشعر جمهوريون محافظون في الكونغرس بالغضب إزاء حظر حساب ترامب على “فيسبوك”، فيما حثت مجموعة من الديمقراطيين في الكونغرس، الشهر الماضي، “ميتا” على تمديد الحظر، لإبقاء “محتوى رفض الانتخابات الخطير وغير المبرر بعيداً عن منصتها”.

يُذكر أن لجنة 6 يناير أمضت أشهراً في جمع تفاصيل صادمة عن فشل منصات التواصل الاجتماعي في التصدّي للتطرف والتحريض على العنف، وذلك قبل اقتحام مبنى الكابيتول الذي أدى إلى مقتل خمسة أشخاص. رؤساء اللجنة رفضوا الخوض في الأدلة التي جمعوها في تقريرهم النهائي، إذ ترددوا في النبش عن جذور التطرف داخل الحزب الجمهوري، بما يتعدى ترامب، وأبدوا قلقاً إزاء الدخول في معركة ضد شركات التكنولوجيا الثلاث الأبرز، وذلك وفقاً لمصادر “واشنطن بوست”.

إلى الأعلى