أخبار عاجلة
فيلم “كودا”: الولاء للعائلة مقابل الطموح الشخصي

فيلم “كودا”: الولاء للعائلة مقابل الطموح الشخصي

متابعة بتجــرد: يتصدر فيلم شركة (أبل بلس) “كودا”، تكهنات الفوز بأوسكار أفضل فيلم يوم الأحد المقبل. “كودا”، المكون أسمه من الأحرف الأولى لعبارة بالإنكليزية تشير إلى أبناء الصم، هو إعادة صنع للفيلم الفرنسي “لا فامي بيليه”، الذي أنتج عام 2014، وتدور أحداثه في مدينة لصيد الأسماك تدعى غلوستر في ولاية ماساتشوستس الأمريكية، وهي مسقط رأس مخرجته سيان هيلير، ويتمحور حول تلميذة مدرسة ثانوية غير صماء، تدعى روبي، تكرس حياتها لخدمة والدها ووالدتها وأخيها الصم، فهي همزة الوصل بينهم وبين المجتمع وبدونها تبدو العائلة مشلولة، إذ ترافقهم إلى الطبيب وتشاركهم في صيد السمك صباح كل يوم، لأن السلطات لا تمنح رخص صيد للصم. لكنها تقع في أزمة نفسية وحياتية عندما يخبرها أستاذها أنها تملك موهبة الغناء ويشجعها على الالتحاق بكلية الموسيقى. فهل يمكن أن تتخلى عن عائلتها من أجل تحقيق حلمها؟

الطموح الشخصي

رواية الفيلم بسيطة وموضوعها يبدو تقليدياً: الولاء للعائلة مقابل الطموح الشخصي. لكن ما يميزه هو شخصياته الفريدة وأداءات ممثليه الصم المؤثرة. فأفراد العائلة لا يُطرحون كضحايا، بل كأبطال مرحين. فهم لا يكتفون بالانخراط في مجتمعهم، الذي يفصلهم عنه حاجز السمع، بل يقودونه في صراعه مع السلطات ويحققون ما يعجز عنه الآخرون. فصمّهم ليس إعاقة، بل ميزة تعزز من ترابطهم العائلي ودافع لتحقيق طموحاتهم ومصدر سعادة في بيتهم.

“كودا” يقدم أفضل المشاهد المثيرة للعواطف في السينما. فعندما تذهب العائلة لمشاهدة روبي تغني في حفل المدرسة، تخفي المخرجة الصوت لكي نحس بما يحسون به. فبدلاً من الإصغاء لابنتهم ينظرون إلى ردود فعل الجمهور ويشعرون بالفخر عندما يشاهدون بعض الناس يبكون أو يصفقون، وفي نفس الوقت نحس بألم والدها وحرمانه من الاحتفاء بموهبة ابنته. وعندما يعودون إلى البيت، يطلب منها أن تغني وعندما تغني يضع يديه على حنجرتها متحرقاً للإحساس بما حرم منه.

بدأ “كودا” مشواره إلى الأوسكار قبل أكثر من عام في مهرجان “صندانس” للأفلام المستقلة، حيث أشعل معركة مناقصة بين استوديوهات هوليوود بعد عرضه الأول فازت بها شبكة “أبل بلس”، التي اشترته بسعر قياسي قدره 25 مليون دولار. كما حصد أهم جوائز المهرجان من ضمنها جائزة لجنة التحكيم وجائزة الجمهور لأفضل فيلم درامي أمريكي، فضلاً عن جائزة أفضل طاقم تمثيل وجائزة أفضل إخراج لمخرجته سيان هيلير.

ومنذ ذلك الحين، استمر في إبهار النقاد والمشاهدين، لكن كونه مستقلاً ذا ميزانية إنتاج ضئيلة ويعرض على شبكة “أبل بلس” الحديثة نسبياً والتي لم تخض معارك أوسكار من قبل، لم يلق اهتماماً خلال موسم الجوائز، حيث برزت أفلام الاستوديوهات العريقة مثل فيلم (فوكس سيرش لايت) “بلفاست”، وفيلم نتفليكس “قوة الكلب” وفيلم (وورنر بروز) “ديون”، إلى أن هزم تلك الأفلام في جوائز نقابة الممثلين، حيث حصد جائزة أفضل طاقم تمثيل الموازية لأوسكار أفضل فيلم. فهل سيحقق ما حققته أفلام مستقلة صغيرة أخرى مثل “صبا” و “مونلايت”، اللذين هزما الأفلام الضخمة وفازا بأوسكار أفضل فيلم عامي 2015 و2017 على التوالي؟

ما بدا مؤكداً هو أن ممثله تروي كوتسر، الذي يجسد دور رب العائلة، سيصنع تاريخاً الأحد المقبل ويفوز بأوسكار أفضل ممثل مساعد ليصبح أول ممثل أصم يفوز بالجائزة الذهبية، وذلك لأنه فاز بتلك الفئة في كل الجوائز الآنفة.

يذكر أن زميلته مارلي ماتلين، التي تجسد دور زوجته، هي الممثلة الصماء الوحيدة التي نالت جائزة أوسكار، وهي أوسكار أفضل ممثلة، عام 1986 عن أداء دور بطولة فيلم «أبناء الصمت».

روح الحياة

بلا شك أن “كودا” بث روح الحياة في موسم جوائز 2022، الذي كان حتى وقت متأخر يعتبر من أكثر المواسم برودة وغرابة. ففي بدايته تصدر فيلم كينيث براناه “بلفاست” تكهنات الفوز بأوسكار أفضل فيلم، بعد أن حصد جائزة جمهور مهرجان تورنتو، التي تعتبر مؤشراً قوياً للفوز بالجائزة المرموقة، في شهر سبتمبر/أيلول العام الماضي، ثم تراجع بداية هذا العام أمام منافسه الأقوى فيلم جين كامبيون “قوة الكلب”، الذي حصد جوائز الـ”غولدن غلوب” والـ”بافتا” لأفضل فيلم، وفاز يوم السبت الماضي بجائزة أفضل إنتاج، بحفل جوائز نقابة المنتجين الأمريكيين، التي تعتبر أهم مؤشر للفوز بأوسكار أفضل فيلم، فضلاً عن فوزه بجائزة أفضل سيناريو أصلي في حفل توزيع جوائز نقابة الكتاب الأمريكيين.

وبما أن “كودا” فاز أيضاً بجائزة نقابة الممثلين الأمريكيين لأفضل طاقم تمثيل، بات الآن يتصدر تكهنات الفوز بأوسكار أفضل فيلم.

إلى الأعلى