أخبار عاجلة
إبهار بصري يهمش السرد ويمنح البطولة للصورة في 2001: A Space Odyssey

إبهار بصري يهمش السرد ويمنح البطولة للصورة في 2001: A Space Odyssey

متابعة بتجــــــــــرد: كان فيلم (2001: A Space Odyssey) للمخرج ستانلي كوبريك لحظة فارقة في صناعة الأفلام، ودراما الخيال العلمي على مدار تاريخ السينما العالمية، بعد أن نجحت قصة الخيال العلمي الملحمية للكائنات الفضائية في تقديم تحفة بصرية لا تعتمد على السرد والحكاية التقليدية والحبكة الدرامية، بل البطولة فيها للصورة والمونتاج والمؤثرات الصوتية والبصرية، ما يجسد عبقرية المخرج والكاتب ستانيل كوبريك.

شارك في صناعة تلك التحفة الخالدة الممتدة التي خرجت للنور عام 1968 على مدار 141 دقيقة المخرج ستانيل كوبريك الذي أسهم في السيناريو أيضاً مع آرثر كلارك، أما البطولة فكانت من نصيب ويليام سيلفستر، كير دوليا، جاري لوكوود، ليوارد روسيتر، ودوجلاس راين.

ورغم مرور أكثر من 52 سنة على فيلم ستانلي كوبريك العبقري إلا أنه ما زال في نظر الكثيرين أحد أبرز الأفلام في تاريخ السينما وربما أعظمها على الإطلاق، لذلك وضعته مكتبة الكونغرس في السجل الوطني للأفلام، واعتبرته أكاديمية علوم السينما الأمريكية أهم فيلم خيال علمي في تاريخ الفن السابع.

وتكمن عظمة المخرج في أنه اعتمد على الإبهار البصري رغم قلة الإمكانيات التكنولوجية وقتها، متخلياً عن السرد القصصي، ومعتمداً على التجريدية والرمزية في طفرة غير مسبوقة في السينما العالمية، وكان هو الإلهام لمجموعة من أعظم أفلام الخيال العلمية مثل حرب النجوم.

وتتجسد عبقرية كوبريك في أنه توقع المستقبل بدقة متناهية وكأنه استعان بعراف أو منجم، رغم عدم وجود أجهزة كمبيوتر أو الذكاء الاصطناعي.

عرض الفيلم في عام 1986،ونال 4 ترشيحات لجوائز الأوسكار، ونال جائزة أوسكار أفضل مؤثرات بصرية.

وبلغت ميزانية الفيلم ما بين 10.5 مليون ، 12 مليون دولار، بينما حقق إيرادات تجاوزت 146 مليون دولار.

في الحقيقة فإن البطل الحقيقي للفيلم ليس الممثلين بل الصورة رغم براعة الممثل دوجلاس راين، كما لعب المونتاج دوراً محورياً في تميز العمل.

تبدأ الملحمة بعد اكتشاف قطعة أثرية غامضة مدفونة تحت سطح القمر، لتنطلق بعدها البشرية في رحلة عبر الكون الفسيح في سعي للعثور على أصول الحياة على كوكب الأرض بمساعدة كمبيوتر عملاق ذكي.

انطلقت فكرة الفيلم من مأدبة غداء في فبراير 1964 بين المخرج ستانلي كوبريك وروجر كاراس ، المسؤول عن الدعاية لفيلم كوبريك السابق الدكتور سترينجلوف. إذ أبلغ كوبريك كاراس أنه بصدد عمل فيلم عن الحياة في الكواكب الأخرى، وأبلغه بالتواصل مع مؤلف الخيال العلمي آرثر كلارك .

وسرعان ما بدأ الاثنان يعملان على توسيع قصة كلارك القصيرة «الحارس» إلى معالجة فيلمية. وتغيرت مشاهد وأحداث الفيلم أكثر من مرة قبل التصوير وحتى أثناءه.

وأثناء المعالجة السينمائية، أطلق كوبريك على الفيلم اسماً ضاحكاً مؤقتاً هو «كيف كسب النظام الشمسي»، وغيّراه إلى كيف كسب الغرب في محاكاة لمسرحية شهيرة عن رعاة البقر، ثم بحر النجوم، نفق إلى النجوم، نافذة جوبيتر، الهروب من الأرض، حتى استقرا في النهاية على الاسم الذي ظهر به الفيلم 2001 :A Space Odyssey أو ملحمة فضائية: 2001.

وكان أبرز مصادر الإلهام لدى كوبريك فيلم أنيميشن كندي قصير عرض في عام 1960بعنوان Universe أو الكون، وكان يتضمن رحلة في الفضاء أبعد من مجرة درب اللبانة.

ولكي يصور الكون بدقة استعان المخرج بعالم الفيزياء الفلكية / المؤلف الشهير كارل ساجان.

ولكي يتأكد من أن فيلمه لن يصبح قديماً قبل انتهاء التصوير، حاول كوبريك الحصول على بوليصة تأمين من شركة لويد للتأمين لحماية نفسه من الخسائر في حالة اكتشاف ذكاء خارج الأرض قبل إطلاق الفيلم.

وبالنسبة للتصوير فقد تم معظمه داخل الاستوديو، بعد أن بنى المخرج المناطق الفضائية المتخيلة ومنها مجموعة عجلات دوارة بوزن 30 طناً تهدف إلى تصوير جاذبية ديسكفري بنتها شركة فيكرز أرمسترونج الهندسية.

وكانت اللقطة الخارجية الوحيدة في الموقع للفيلم هي مشهد القرد مون وتشر وهو يحطم عظام الحيوانات بسلاحه العظمي الخاص، والذي تم تصويره على منصة مرتفعة بالقرب من الاستوديو حتى يتمكن كوبريك من الحصول على زاوية منخفضة للممثل دان ريختر الذي جسد الشخصية.

واستعان المخرج بـ20 ممثلاً غير محترف لتقليد القرود قضواً فترة طويلة في حديقة الحيوان يتابعون ويرصدون حركاتها وتصرفاتها وتعبيرات وجهها وحركة أجسادها.

وبالطبع استشار المخرج وكالة ناسا الفضائية لمعرفة بعض الحقائق العلمية عن الكون رغم أن الفيلم ينتمي للخيال العلمي، واستعان بفريدريك أودواي الذي صمم الصاروخ الفضائي ساتيرن 5.

وتم تأليف كتب كاملة حول التأثيرات الخاصة المتقنة المستخدمة في إنشاء العالم المستقبلي لعام 2001. والحقيقة أنه تم إنشاء هذه التأثيرات بشق الأنفس لأن الفيلم صنع في عصر ما قبل الكمبيوتر.

الطريف أن كوبريك استعان في البداية بالموزع الموسيقي أليكس نورث الذي عمل معه من قبل، ولكنه تخلى في النهاية عن الموسيقى التي ألفها مفضلاً تنويعات على موسيقى شتراوس مثل الدانوب الأزرق.

ولم يكتشف نورث ما حدث إلا عند حضوره العرض الأول للفيلم في عام 1968، وأخيراً تم طرح الموسيقى الأصلية في قرص مدمج وإطلاقه في عام 1993.

ورغم حرص كوبريك على حرق كل اللقطات التي لم يستعن بها، إلا أنها ظهرت بعدها بسنوات، رغماً عن أنفه. وكان يهدف من ذلك ألا يستعين بها أو يقلدها مخرج آخر، ومع ذلك ظهرت لقطات تعادل 19 دقيقة من الفيلم بعدها.

إلى الأعلى