متابعة بتجــرد: أثارت منصة نتفليكس ضجة عالمية وانتقادات لم تتوقف بسبب طرحها الفيلم الجديد «مريم العذراء»، الذي تبنى وجهة النظر الصهيونية.
ورغم كل المطالبات بعدم عرضه بسبب تزويره وبطلته الإسرائيلية، وقصته التي تدور بشكل واضح وصريح عن حياة مريم العذراء وحملها للسيد المسيح.
والمنصة متهمة بأنها اعتمدت في سرده على قصة حياة مريم العذراء، ولكن مع تزوير أن دولة فلسطين موطن السيد المسيح هي اسرائيلية، وان الإسرائيليين حكموها منذ آلاف السنين، وأنها موطنهم الأصلي في رسائل غير مباشرة ومباشرة في بعض المشاهد الأخرى.
السؤال الأهم، هو لماذا طرح الفيلم الآن، وسط حالة من الغضب العامة بسبب الانتهاكات التي تحدث من الكيان الصهيوني على الأراضي الفلسطينية، واستمرار إسرائيل في قتل واستهداف المدنيين على مدار الساعة، في محاولة لتحسين وتجميل صورتهم بشكل غير مباشر من خلال تلك الأعمال السينمائية لتوطين أفكار ليس لها أساس من الصحة خلال السينما والدراما.
وأعرب المؤيدون الفلسطينيون عن إحباطهم، زاعمين أن اختيار مريم يتماشى بشكل خفي مع الهوية الإسرائيلية الحديثة، متجاهلاً التاريخ المعقد للمنطقة.
من ناحيتهم انتقد المسيحيون المحافظون الفيلم لانحرافه عن العقيدة الدينية التقليدية، حيث إنهم يعترضون على الطريقة التي تصور بها مريم علاقتها بيوسف ويشككون في دقتها التاريخية.
وعلى الرغم من ردود الفعل العنيفة، دافع صناع الفيلم عن قراراتهم، اختيار ممثلة إسرائيلية وكان بهدف الحفاظ على الأصالة، حيث أن معظم الممثلين من إسرائيل.
كما أثار التفسير الحديث للفيلم للموضوعات المقدسة نقاشات، على سبيل المثال، أدى تصوير رئيس الملائكة جبرائيل والشيطان في ملابس معاصرة إلى انقسام الجماهير.
وعبر الكثيرون على وسائل التواصل الاجتماعي عن غضبهم، قائلين إن الفيلم يمحو السرد الثقافي والتاريخي الفلسطيني، وفقًا لصحيفة “الغارديان».
ونشر موقع «كاثوليك ورلد ريبورت» العالمي والمتخصص في الديانة المسيحية تقريرا عن الفيلم الجديد، الذي جاء فيه أنه مع الإعلان عن قيام جويل أوستين بإنتاج فيلم عن السيدة مريم العذراء، صرح قائلا: «هذه مريم كما لم ترها من قبل».
ومع اختيار المخرج دي جي كاروسو، الذي كان فيلمه «شط إن» لعام 2022 هو التاسع من أفضل الأفلام في ذلك العام، مع وجود طاقم إسرائيلي في بطولة العمل، بالإضافة إلى وجود النجم العالمي أنتوني هوبكنز في دور الملك هيرودس.
ووفقا للتقرير الذي نشر على الموقع المسيحي العالمي مع طرح العمل تساءل الكثيرون عما إذا كان سينكر الحبل بلا دنس أو العذرية الدائمة، كما أشار الكثيرين إلى مشكلة وجود ممثلة إسرائيلية في بطولة الفيلم.
ومع مشاهدة المسيحيين للفيلم، اتضح أنه سيئ، وإن لم يكن بالطريقة التي توقعها الكثيرون، حيث كان يجب أن يكون المشهد الأول الفيلم أفضل بكثير، حيث يذهب يواكيم (أوري فيفر)، وهو رجل عجوز بلا أطفال، إلى الصحراء للصيام والصلاة.
ومع مقابلته لرئيس الملائكة جبرائيل (دودلي أوشونيسي) الذي يخبر يواكيم أنه سيرزق بطفلة، وثم يلتقي بآن (هيلا فيدور)، ويحتفلان بتدخل الله في حياتهما، تولد مريم (نواه كوهين) التي تكرس نفسها لله على الفور كعاملة في الهيكل، مثل صموئيل الصغير في العهد القديم.
وطوال طفولتها، تسعد رؤساءها بتفانيها، ولكنها تحبطهم باستقلالها وذكائها الحاد، وبقيادة جبرائيل، يجد يوسف (إيدو تاكو) مريم تغسل الملابس بجانب النهر ويقع في حبها على الفور، وبافتراض أن هذه هي إرادة الله مع وصف صحيح لزي جبرائيل، يصر والدا مريم على زواجها من هذا الرجل الذي التقت به، وينتهكان نذرهما في هذه العملية.
ومع تعقيد مراسم زفاف مريم بسبب عودة جبرائيل، الذي أعلن أنها ستلد المسيح، ومن الغريب أن الجميع في الناصرة لم يكتشفوا أنها حامل فحسب، بل إن العديد من الفصائل المتنافسة توصلت إلى الاعتقاد بأن هذا الطفل الذي لم يولد بعد هو في الواقع الملك المستقبلي.
وبالتالي لم يكتف هيرودس، الذي قتل زوجته في المشهد الأول، بإصدار الأمر بقتل الأبرياء فحسب، بل أصدر الأمر أيضًا «بإحضار ابن مريم حيًا»، وهكذا يبدأ الفصل الأخير حيث تقوم مريم ويوسف ومجموعة بالتوجه إلى مصر، تحت تهديد الهجوم الوشيك دائمًا.
مريم هي مثال كلاسيكي للسيناريو، خاصة بعدما أعلن المنتجون، في تسويق الفيلم، بفخر أنهم «استشاروا العديد من الخبراء بما في ذلك المسيحيين والمسلمين واليهود»، ومن الواضح أنهم لم يتركوا أي شيء، لأن هذا الفيلم مليء بالمفاهيم الغريبة، والتي يبدو أن بعضها مستمدة من نصوص غريبة.
حيث إن الكهنة يرتدون قبعات غريبة، ومن المؤكد أنه لم تكن هناك رهبنة نسائية مكرسة لتنظيف المعبد، ومن الغريب أيضًا كيف يعرف الجميع – على ما يبدو كل يهودا – أن يسوع هو المسيح المستقبلي.
وعلاوة على ذلك، لا يوجد ذكر للتعداد السكاني، والإمبراطورية الرومانية غائبة تمامًا، ويظهر هيرودس على الشاشة أكثر من أي شخصية أخر، وكما يحاول الشيطان أيضًا إغواء وقتل مريم – لكنه يتوقف في مواجهة مع جبرائيل.
كان السؤال الأكبر الذي تساءل عنه الكاثوليك على وسائل التواصل الاجتماعي هو ما إذا كان أي شيء في الفيلم يتناقض مع العقائد الأساسية حول مريم.
ومع ذلك، هناك الكثير من الأخطاء التاريخية وقليل جدًا من حيث البصيرة اللاهوتية، حيث يمكن للمرء أن يفسر شهوة هيرودس الدموية للأطفال على أنها مؤيدة للحياة، لكنها غير مركّزة.
ومن الغريب أن الأهمية الأخلاقية الأعظم للفيلم جاءت من محاولة مقاطعة من قبل المتطرفين اليساريين لأن الممثلة الرئيسية كانت إسرائيلية.