متابعة بتجــرد: أثار مسلسل “الحشاشين” بطولة الفنان كريم عبد العزيز، جدلاً واسعاً خلال الأيام القليلة الماضية، بسبب تحدث الشخصيات باللهجة العامية المصرية، بدلاً من اللغة العربية الفصحى، رغم أنه مسلسل تاريخي تدور أحداثه في القرن الـ11، في أكثر من دولة بالشرق الأوسط.
وتباينت الآراء حول تلك الإشكالية، إذ اعتبره البعض خطأ جسيماً، فيما رأى آخرون أن ذلك مقصوداً ويأتي وفقاً للرؤية الفنية لصناع المسلسل.
وتدور أحداث المسلسل، حول طائفة “الحشاشين” ومؤسسها حسن الصباح، والتي تعد أول جماعة في التاريخ بدأت عمليات الاغتيال السياسي، للتخلص من خصومها والمعارضين لأفكارها.
ويشارك في بطولة المسلسل فتحي عبد الوهاب، وأحمد عيد، ونيقولا معوض، وميرنا نور الدين، والعمل تأليف عبد الرحيم كمال، وإخراج بيتر ميمي.
الفنانة سميحة أيوب، قالت لـ”الشرق”، إنّ: “اللغة العربية الفصحى هي الأفضل في الأعمال التاريخية، حتى تفهم الأجيال الحالية تلك اللغة”، لافتة إلى غياب الفصحى من الأعمال الفنية بشكلٍ عام منذ قرابة 15 عاماً، وأن الجمهور لم يعد يعتاد عليها.
وأوضحت أن “استخدام العامية في الأعمال الفنية، قد يكون بهدف التسهيل وتوصيل الرسالة، وهذا مقبول إذا كان العمل قوي ومؤثر”.
ومن جانبه، قال المخرج مجدي أحمد علي، لـ”الشرق”، إن انتقاد البعض لعدم استخدام الفصحى، أمر طبيعي، كونه مسلسلاً تاريخياً، متابعاً “أعتقد أن الاعتماد على العامية قد يكون مقصوداً من قبل صُناع العمل، بهدف الانتشار والوصول إلى أكبر قدر من الجمهور”.
أما المخرج محمد فاضل، أشار إلى أن مسلسل”الحشاشين”، ليس أول الأعمال التاريخية التي تعتمد على اللهجة العامية، فقد سبقه العديد من المسلسلات، مُشدداً على أن “الأهم هو ضمان تقديم العمل بشكلٍ جيد، لضمان تحقيق رسالته، والتأثير على الجمهور”.
الناقد طارق الشناوي، قال: “لدينا قواعد متوارثة منذ ستينيات القرن الماضي، أن الأعمال التاريخية والدينية تُقدم بالفصحى، وهذا ليس منطقياً بالطبع”، لافتاً إلى أن “ريدلي سكوت قدم نابليون بالإنجليزية، رغم أن الشخصية فرنسية”.
الناقدة ماجدة موريس، رأت أن “الفصحى صعبة لأغلب المشاهدين، وبالتالي المؤلف عبد الرحيم كمال، قرر استخدام العامية، لضمان وصولها لملايين المشاهدين”، فيما اعتبرت تلك الانتقادات أنها “تربص بالعمل”.
المخرج بيتر ميمي، رد على الانتقادات التي طالت المسلسل، وكشف عن أسباب الاعتماد على العامية، قائلاً عبر حسابه الشخصي على “فيسبوك”، إنّ “الأحداث بين أتراك وفرس، وعندما قدّمه الأتراك، عُرض باللغة التركية، وهناك نسخة أخرى بالإنجليزية خرجت من أميركا، لذا تم استخدام العامية في مسلسل “الحشاشين” باعتباره نسخة درامية مصرية”.
وأشار إلى أن المسلسل يُعرض مُترجم في أكثر من دولة مثل روسيا وأميركا، متسائلاً بقوله: “الڤيكنجز كانوا بيتكلموا إنجليزى؟.. ويليام والاس كان بيتكلم اللكنة الأميركية”.
وأكد أن “المسلسل من وحي التاريخ، وهذا مُشار إليه على التتر، فهو ليس وثيقة تاريخية، لكنه دراما تاريخية”، متابعاً “حاولنا عمل خيال تصويرى لفترة من الفترات، فى شكل درامي.. لكن فيما يخص الديكور والملابس اعتمدنا على مراجع كتيرة ونادرة، لصناعة عالم جديد لم يُشبه لأي عالم آخر في الأفلام والمسلسلات العالمية”.
وأوضح أن المسلسل سيُجيب على كل تساؤلات الجمهور، مع تتابع الحلقات وصولاً إلى الحلقة الأخيرة، “سعدت أن المسلسل جعل البعض يقرأ ويسأل ويطلع ويناقش”.
كما تفاعل المستشار تركي آل الشيخ، رئيس الهيئة العامة للترفيه بالمملكة العربية السعودية، مع المسلسل، قائلاً: “من حق صناع مسلسل الحشاشين اختيار اللغة التي تناسبهم، واللهجة المصرية عريقة ومفهومة في كل العالم العربي.. الأتراك عند إنتاجهم مسلسلات، تكون بلغتهم، وكذلك الأجانب في الغرب.. اللغة الفصحى قد لا تجذب شريحة من الشباب”.
وأضاف “أنا أحب الفصحى، لكن غيري قد لا يفضلها.. مسلسل الحشاشين إنتاج ضخم وخطوة في الطريق الصحيح للوصول للمستوى العالمي”، متسائلاً بقوله: “إذا تم إنتاج مسلسل عن الفراعنة، هل سيكون مناسب اللغة الهيروغليفية مثلاً؟، قطعاً لا، بلغة العصر أوقع وأحسن.. نحن الآن بصدد إنتاج سعودي ضخم برعاية هيئة الترفيه، وكنت في حيرة بين اختيار الفصحى أو العامية للانتشار.. خطوة الحشاشين شجعتني للتفكير”.
ولا يُعد “الحشاشين” أول عمل تاريخي يعتمد على اللهجة العامية، بل سبقه أعمال فنية عديدة، وأثارت حالة جدل أيضاً وقت عرضها، منها أفلام للمخرج الراحل يوسف شاهين، مثل “المهاجر” عام 1994، و”المصير” عام 1997، وكذلك مسلسل “رسالة الإمام” بطولة الفنان خالد النبوي، والذي عُرض العام الماضي، وتناول قصة الإمام الشافعي.
في المقابل، هناك عشرات المسلسلات التاريخية والدينية التي اعتمدت على الفصحى في الحوار بين الشخصيات، منها مسلسل “محمد رسول الله” الذي قُدّم في عدة أجزاء، وعُرض الجزء الأول منه عام 1980، وهو تأليف عبد الحميد جودة السحار، وإخراج أحمد طنطاوي، بالإضافة إلى مسلسل “لا إله إلا الله”، والذي قُدم في عدة أجزاء أيضاً، بداية من عام 1985، وهو تأليف أمينة الصاوي، وإخراج أحمد طنطاوي.
وذلك بجانب مسلسل “الفرسان” إنتاج 1994، تأليف سامي غنيم، وإخراج حسام الدين مصطفى، و”الظاهر بيبرس” عام 2005، تأليف طه شلبي، وإخراج إبراهيم الشوادي، و”الإمام الغزالي” الذي سبق وتناول شخصية حسن الصباح وطائفة الحشاشين في أحداثه، وعُرض عام 2012، وتأليف محمد السيد عيد، وإخراج إبراهيم الشوادي.