أخبار عاجلة
الموسيقار عمر خيرت: “الشيخ زايد للكتاب” دفعة قوية لتشجيع الفنون الجادة

الموسيقار عمر خيرت: “الشيخ زايد للكتاب” دفعة قوية لتشجيع الفنون الجادة

نقلنا لكم – بتجــرد: أكد الموسيقار الكبير، عمر خيرت، الذي فاز أخيراً بجائزة الشيخ زايد للكتاب عن شخصية العام الثقافية، أن الفوز يمثل مسؤولية كبيرة بالنسبة إليه، مؤكداً أن ذلك سيدفعه لبذل مزيد من الجهد للحفاظ على محبة جمهوره، وعلى ثقة مجلس أمناء الجائزة، التي تمنح دفعة قوية لتشجيع الفنون الجادة.

وقال في حوار صحفي: “أنصح الأسرة التي تجد موهبة لدى أحد أطفالها، أن تبادر بتقديمه لمعهد موسيقي متخصص، وتحرص على تنمية وصقل موهبته بالدراسة  الأكاديمية، والتربية على تذوّق الموسيقى الكلاسيكية أو الأكاديمية، والاهتمام بتنمية ثقافته الدينية السليمة وتعزيز الثقة بالنفس”.

وذكر صاحب مقطوعة “ليلة القبض على فاطمة” أن مثله الأعلى في الحياة عمّه الفنان الموسيقار أبو بكر خيرت، الذي مهّد الطريق للحركة الفنية بمصر، موضحاً أن أسرة خيرت مهتمة بالفنون منذ عقود طويلة.

وتالياً نص الحوار: 

مسؤولية كبيرة

_ اختيار جائزة الشيخ زايد للكتاب للموسيقار عمر خيرت شخصية العام الثقافية، ماذا يمثل هذا الفوز بالنسبة لكم؟

هذا الفوز أسعدني كثيراً وتشرّفت به، وهو يمثل مسؤولية كبيرة بالنسبة لي، تجعلني أعمل بمزيد من الجهد للحفاظ على محبة جمهوري، وعلى ثقة مجلس أمناء جائزة الشيخ زايد الذي رشحني لهذه الجائزة القيّمة.

الفنون الجادة

_ وكيف تنظر إلى أهمية هذه الجائزة ودورها في الارتقاء بالذائقة العربية؟

هذه الجائزة تمنح دفعة قوية لتشجيع الفنون الجادة، خاصة الموسيقى، لما لها من تأثير إيجابي مباشر على وجدان الإنسان، وما لها أيضاً من تأثير إيجابي على الحيوان والنبات، وتعتبر الموسيقى من أهم الفنون قاطبة، وأصعبها لأنها تتعامل مع الحس فقط، عن طريق السمع، فلا تُلمس ولا تُرى.

الدراسة الأكاديمية

_ ما الكلمة التي يقدمها الموسيقار عمر خيرت للشباب الموهوبين بمجال الموسيقى ممن هم في بداية الطريق؟ 

النصيحة التي أقدمها للشباب الموهوب موسيقياً، هي الالتحاق بالدراسة الأكاديمية، مع وضع أكثر من خط تحت كلمة (الأكاديمية) لأن هذا هو الطريق الصحيح الذي يصل في المبدع إلى العالمية، لخدمة موسيقانا العربية والشرقية، فالدراسة الأكاديمية تصقل الموهبة وتنميها وتطورها، وينبغي الاهتمام بالدراسة منذ الصغر، وأنصح الأسرة التي تشعر بوجود موهبة لدى أحد أطفالها، أن تبادر بتقديمه لأحد المعاهد الموسيقية المتخصصة.

أمور مهمة للفنان

_ كيف يمكن إبداع فنون موسيقية خالدة عبر الزمن، خاصة في عصر اختلط فيه الغث بالسمين وسادت فيه العشوائية والأعمال التافهة؟

إبداع موسيقى خالدة لا شك موهبة من الله عز وجل يهبها لمن يشاء، أما الأمور الإنسانية الأخرى على الأرض مثل المبادئ المكتسبة منذ النشأة والتربية السليمة والتربية منذ الصغر على تذوق الموسيقى، خاصة الكلاسيكية أو الأكاديمية، والاهتمام بتنمية الثقافة الدينية السليمة والثقة بالنفس، هذه جميعها أمور مهمة للفنان يجب أن يهتدي بها ويحرص عليها.

سر إلهي

– أين يكمن سر عبقرية وإبداع الموسيقار عمر خيرت، الذي استطاع أن يتربع على عرش النغم الخالد، وتكون أعماله نقطة التقاء لملايين البشر من مختلف الفئات العمرية والأجيال المتعددة؟ 

سر إلهي عظيم من الله عز وجل يصعب شرحه، ويكمن في الموهبة، ومن حظي بالموهبة الموسيقية المتميزة، يجب أن يحافظ عليها وأن يستخدمها استخداماً سليماً لمصلحة البشرية.

أجواء أسرية راقية

_ إلى أي مدى أثرت نشأتك في عائلة تتذوق الفن وتقدره بمسيرتك الفنية؟

أسرة خيرت مهتمة بالفنون من قديم الأزل، جدي محمود خيرت كان محامياً وفناناً تشكيلياً وموسيقياً وشاعراً ومترجماً، وكان لديه صالون أدبي في منزله بشارع خيرت الذي سُمي باسم جدي الأكبر، في السيدة زينب، وكان يجمع عامة الفنون في ذلك العصر، أمثال سيد درويش ومحمود مختار المثال، وعبد الوهاب وأم كلثوم وهم بمرحلة الشباب، لقد كان هناك اهتمام عظيم بالفن، ولم تكن الإذاعة قد انطلقت بعد، وكان يجمع الفنانين والأدباء مثل المنفلوطي وغيره بصالونه، وقد عايشت هذه الأجواء الراقية والجميلة وتأثرت بها جداً.

المثل الأعلى

 _ وكيف كان تأثير عمّك الفنان أبوبكر خيرت على إبداعك الموسيقي؟

أبو بكر خيرت تخرج مهندساً في فن العماره، وأرسل في بعثة لفرنسا، لعمل الماجستير والدكتوراه في الهندسة المعمارية وتخطيط المدن، وحصل على المرتبة الأولى على جميع زملائه الطلبة في الكلية.

وتعلم الموسيقى وعمره 5 سنوات، عزف كمانجا وبيانو، فقد كان جدي قد عين مدرساً يونانياً للموسيقى، ليعلم جميع أبنائه الموسيقى في المنزل، وقد تميز أبو بكر خيرت بالعزف على البيانو، ووصل إلى مراحل متقدمة جداً فيه، وأكمل دراسته في الموسيقى بفرنسا إلى جانب دراسته في الهندسة، فكان إنجازاً عظيماً له، ثم بدأ بالتأليف الموسيقي وعمل سمفونيات مهمة جداً، وطلب منه في عهد الرئيس جمال عبد الناصر ووزير الثقافة الدكتور ثروت عكاشة أن يتبنى تأسيس معهد البالي والسينما والكونسرفتوار، والفنون المسرحية، كما أسس قاعة سيد درويش للموسيقى والحفلات، وكانت مرحلة مهمة جداً في الحركة الفنية في مصر وبداية طريقها نحو العالمية، وذلك على يد عمي أبو بكر.

لذلك أعتبره مثلي الأعلى في الحياة، وطالما تمنيت أن أكون مثله، ولا شك أني كنت أستمد منه القوة، لأعيش التجربة بكل احترام وحب، وقد عزفت في طفولتي الأعمال السمفونية وكان والدي يأخذني للأوبرا لأحضر أعمال أبوبكر خيرت، فكنت أتابع ذلك، وأنظر إليه كبطل وأحلم أن أصبح مثله، حتى على الصعيد الإنساني كان عظيماً ولديه مبادئ وقيم، وقد توفي وأنا بعمر 14 سنة، وأكملت المشوار الفني، وكنت من ضمن أول دفعة من الطلبة الذين التحقوا في الكونسرفتوار عام 1959.

موقف لا ينسى

_ هل تذكر موقفاً حدث بينكما لا تنساه أبداً؟

كنت بعمر 10 سنوات وكان معيداً في الكونسرفتوار بعد أن أنشأ أكاديمية الفنون وصممها ونفذها، وعندما كان يشاهدني في المعهد لا يسلم عليّ، وكنت أنزعج لأني أحبه ومعجب به، وفي إحدى السنوات وأنا بالمرحلة الإعدادية أتعلم نظريات في الموسيقى في الكونسرفتوار، فوجئت أنه يريد التحدث معي في منزلنا على غير عادته، فطلب مني أن أذهب لمكتبه في المعهد غداً، ليلتها لم أستطع النوم، ارتعبت متسائلاً ماذا يريد، وفي اليوم التالي عندما ذهبت لمكتبه طلب أن أسمعه ماذا عزفت في الامتحان، رغم أني كنت واثقاً جداً أني عزفت بطريقة ممتازة، فعزفت على البيانو الموجود بمكتبه وأسمعته، فقال لي عزفك جيد “برافو”، لكنك ستسقط في هذا العام، هل تعرف لماذا؟، قلت له لا، فأجابني لأني عمّك، وسأغير لك معلمتك، لقد أعطتك برنامجاً مختلفاً عن البرنامج الموجود في المعهد، ثم أعطاني 5 جنيهات وكانت في ذلك الوقت مبلغاً مالياً كبيراً، فرحت بها، وبكلمة ” برافو” ثم شكرته وغادرت.

إلى الأعلى