أخبار عاجلة
حسين فهمي بعد تكريمه بجائزة “إنجاز العمر”: لم أسعَ إلى العالمية

حسين فهمي بعد تكريمه بجائزة “إنجاز العمر”: لم أسعَ إلى العالمية

متابعة بتجــرد: أعرب الفنان المصري حسين فهمي، عن سعادته البالغة لتكريمه في الدورة الـ13 لمهرجان مالمو للسينما العربية، ومنحه جائزة “إنجاز العمر”، قائلاً: “سعدت بهذا التكريم للغاية، لوجودي وسط الجالية العربية في السويد”.

كما وجه الشكر إلى مؤسس ورئيس المهرجان محمد قبلاوي، لافتاً إلى أنه تمت دعوته قبل سنواتٍ، إلا أن ظروف حالت دون المشاركة “هذه المرة كان لديّ إصراراً على الحضور”. 

وقال حسين فهمي، خلال ندوة تكريمه في المهرجان، والتي أدارها الناقد أحمد شوقي، إنّ: “الفنان يُحتم عليه عدم الانضمام لأي حزب، وأنّ يكون مستقلاً، وأنا أعتبر الفنان في حد ذاته بمثابة حزب، لذلك لم أنضم لأي حزب طوال حياتي، ومن حقي أقول رأيي تجاه أي شيء وفي أي وقت وبمنتهى الحرية، كما أتحمل مسؤولية ذلك في النهاية”، مُشيرًا إلى معارضته سفيرة إحدى الدول الأجنبية في مصر، والتي كانت تزعم بأنّ المرأة المصرية ستنال حقها أخيراً في عهد الإخوان، “اعترضت وقتها بكل حرية، وإذا كنت تابع للسلطة وقتها، بالتأكيد لم أتمكن من إبداء هذا الرأي”.

وأكد أنه لم يسعَ للعالمية طوال مسيرته الفنية، كونه يميل للاستقرار، كما أنه يُحب تجسيد الشخصيات المصرية والعربية، لافتًا إلى تجربة الفنان عمر الشريف، الذي كانت تجمعه به علاقة صداقة قوية، “كنت ألتقي به بشكلٍ مستمر عندما كنا في أميركا، وكان يُخبرني دومًا بأنه ليس سعيدًا لعمله في الخارج، حيث يفتقد لوجود أصدقاء بجانبه، أومنزل يأويه، ورأى نفسه أنه عبارة عن شخص يحمل شنطة ملابسه يتنقل من فندق إلى فندق ومن بلاتوه إلى آخر، وأنا لم أكن أحب ذلك إطلاقًا”.

مدارس إخراج

وروى حسين فهمي، الذي يحوى أرشيفه الفني ما يقرب من 130 فيلماً، رحلته مع الفن، موضحاً أنه درس الإخراج في أكاديمية الفنون بالقاهرة، وبعدها سافر لاستكمال دراسته للتمثيل والإخراج في جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس بأميركا، “دراستي للإخراج تطلبت دراسة السيناريو والمونتاج والتصميم وكل ما يتعلق به، كما أنني عملت مُخرجاً للإعلانات والأفلام القصيرة في أميركا لمدة 3 أعوام بعد التخرج”.

وأضاف أنّ “العلاقة التي تجمعني مع الكاميرا، سواء الوقوف أمامها كمُمثل أو خلفها كمُخرج، مباشرة وطبيعية جداً، فكنت أدرك جيداً حدود الكاميرا والعدسات وحجمها وأبعادها وكل شيء، وذلك ساعدني جيداً في التمثيل”، مُشيراً إلى تعامله مع عدد كبير من المخرجين مثل يوسف شاهين، وصلاح أبو سيف، وكمال الشيخ وحسام الدين مصطفى وآخرين، “هؤلاء كانوا أساتذتي في الأكاديمية، وكانت تربطني بهم صداقة وطيدة”. 

وتابع “دراستي للسينما لمدة 10 أعوام ما بين مصر وأميركا، ساعدتني في التعامل مع المخرجين الذي يتمتع كل منهم بثقافة معينة وطريقة عمل مختلفة عن الأخرى، فكنت أنجح في التأقلم مع كل منهم دون أي صعوبات، لخلق حالة من التواصل داخل مواقع التصوير، وأرى أنّ ذلك ميزة مهمة تُمكن صاحبها من التعاون مع أي مخرج مهما كان أسلوبه”.

وأشار إلى عمله في التدريس داخل أكاديمية الفنون، لمدة 15 عامًا، ومن بين طلابه شريف عرفة وعلي بدرخان وغيرهما: “هناك أجيالاً درست لها، وتعاونت معهم فيما بعد باعتبارهم مخرجين أصحاب خبرات واسعة”.

وقال: “في بداية عملي بالفن، وضعت لنفسي خطة مستقبلية لتطبيقها، وهي العمل في السينما فقط لمدة 10 سنوات متصلة في الدون، وبعدها قررت الاتجاه للتلفزيون والمسرح لفترة مماثلة لأنهما لهما جمهورًا مختلفاً تماماً، وخلال ذلك قدمت أعمالاً مسرحية جادة جداً على المسرح القومي وتعاونت فيها مع قامات كبيرة مثل المخرج عصام السيد، والكاتب لينين الرملي، ووقتها فضلت عدم الاتجاه للمسرح الخاص، لاعتقادي بأنّ المسرح القومي هو مسرح الدولة”.

ولفت إلى أنّ “أهلا يا بكوات” واحدة من أبرز أعماله المسرحية، “هذه كانت الأفكار والعروض التي كانت تهمني وتجذبني، وكانت تجذب الجمهور بشكلٍ كبير، ورغم أنني كنت مصنف كفنان كوميدي وقتها، كنت أقدم كوميديا الموقف بعيداً عن الإفيه”. 

الهوس بالشهرة

وحول تعامله مع الشهرة الفنية ومدى تأثيرها عليه، قال حسين فهمي: “الشهرة لم تُغيرني إطلاقاً، خاصة وأنني كنت أبحث عنها وكذلك النجاح منذ بدايتي، فكنت مستعداً لها، فلم أصاب بحالة من الهوس بالجنون والعظمة كما يُصاب البعض، حيث إنهم يحققون حالة نجاح صدفة ودون استعداد ودون معرفة أسباب ذلك، لكن أنا أعرف أسباب نجاحي وكذلك مراحل الإخفاق التي أتعرض لها”.

وأشار إلى أسباب عدم مشاركته في مسلسلات بشكلٍ مكثف مثل السينما، أوضح أنه يُشارك في عمل درامي واحد بشكلٍ سنوي، “هذا العدد كاف له، رغم أنني أتلقى عروضاً كثيراً لكني أعتذر عنها، فأنا أختار أدواري بعناية شديدة، وأميل للشخصية الجديدة التي لم يسبق لي تجسيدها من قبل، فأنا أتجنب تكرار الأعمال تماماً، فالأهم بالنسبة لي أنّ يكون الدور مختلف على مستوى الورق وأماكن التصوير وأنّ يستهويني المشروع بشكلٍ عام”.

واشاد حسين فهمي بالحركة الفنية التي تشهدها المملكة العربية السعودية في الفترة الأخيرة، وكذلك ظهور مخرجات سعوديات على مستوى عالٍ من الاحترافية والتميز، قائلاً: “هذا شيء مهم للغاية، لكن يجب أنّ تتمتع السينما السعودية بشخصية مستقلة وألا تكون شبيهة لأي سينما أخرى”.

“هجوم دون مبرر”

وكشف حسين فهمي، موقفه من الاتجاه للإخراج، قائلاً إنّ: “هذه الفكرة كانت تراودني في بعض الأحيان، لكن أساتذتي اعترضوا ونصحوني بعدم الاتجاه لذلك والتركيز على التمثيل فقط، مثل يوسف شاهين ومحمود مرسي، وزملائي في أميركا، والموزعين بالعالم العربي رفضوا دخولي عالم الإخراج، وكذلك المنتجين لم يتحمس أحداً منهم لتوفير ميزانية لكي أقدم فيلماً”. 

وتابع “رفضت فكرة دخولي الإخراج، بعد اعتراض كل هؤلاء، بجانب رغبتي في إثبات موهبتي كمُمثل، حيث إنني كنت أتعرض لهجوم شديد وغير مبرر من الصحافة، لاعتقادهم بأنني دخلت المجال بسهولة دون درايتهم بمجال دراستي وتاريخي، وبالفعل بدأت أحصد جوائز من الدولة ومن المهرجانات السينمائية كأفضل ممثل، ولعل أبرزها تكريم من الرئيس محمد أنور السادات عن فيلم (الرصاصة لاتزال في جيبي)”.

واستعرض أبرز الحالات التي تعرض فيها للهجوم من قبل بعض الصحفيين، قال: “ذات مرة، زميل صحفي كتب مقالاً طويلاً عن فيلمي “دلال مصرية” وذكر كل الشخصيات ولم يذكر شخصيتي تماماً وكأني لم أشارك فيه، ومرة أخرى صحفي كتب مقالاً عن فيلم “العار” وأشاد بأداء نور الشريف ومحمود عبد العزيز، ولم يذكرني إطلاقاً، واتصلت به لسؤاله عن فعله، إلا أنه رحّب بي بشكلٍ حار، وفوجئت بعدها بمكالمة منه يُخبرني بأنه كتب صفحتين في المجلة بالعدد التالي عن دوري في الفيلم، ويُشيد بي”.

رئاسة “القاهرة السينمائي”

وتحدث حسين فهمي، خلال ندوة تكريمه في “مالمو للسينما العربية”، عن توليه رئاسة مهرجان القاهرة السينمائي الدولي في فترتين مختلفتين، قال: “وقتها كان عندي خلافاً شديداً مع وزير الثقافة فاروق حسني، وكنت أهاجمه بشدة كون السينما لم تحظَ بالاهتمام الكاف في عهده، ومرة هاجمته بشكلٍ مباشر في لقاء بالإسكندرية وسألته عن أسباب كرهه للسينما وأنه لم يهتم بها رغم أنها ملفاً مهماً جدًا، وبعدها بأيام فوجئت باتصالٍ من مكتبه، يُخبرني بموعد معه بشكلٍ مفاجئ، وكنت أعتقد أنه سيتشابك معي، لكني فوجئت بأنه يعرض علي رئاسة مهرجان القاهرة، ووافقت فعلاً لسعادتي بذلك القرار، ورغم ذلك تلقيت انتقادات كثيرة من قِبل البعض لرفضهم بوجودي في هذا المنصب، مثل رفيق الصبان، كـ”أنني لا أصلح للمهرجان”. 

وقال: “كلمت رفيق الصبان وقتها، وعرضت عليه المشاركة في المهرجان، رغم رأيه تجاهي، إذ أتعامل بمنطق المصلحة العامة، فطالما الشخص سيُفيد في مكانٍ ما، فلا مانع من الاستعانة به، لذلك هو شعر بذهول وقتها، وكذلك المرة الأخيرة التي عُدت فيها لرئاسة المهرجان، كانت هناك مخرجة من اللجنة الاستشارية رفضت وجودي، ورغم ذلك تواصلت معها لعقد اجتماع لكنها رفضت الحضور 3 مرات متتالية”.

مبادرات إنسانية

وتطرق حسين فهمي، إلى المبادرات الإنسانية والأعمال الخيرية التي يُشارك فيها منذ سنوات طويلة، لعل أبرزها اختياره كسفير منذ 12 عاماً لإحدى المؤسسات الخاصة بذوي الإعاقة، قائلاً: “هذا المشروع انطلق من أميركا، بطلب من شقيقة جون كينيدي له، بعد إصابة شقيقتهما، حيث طالبته بتأسيس منظمة رياضية لذوي الإعاقات، حيث رأت أنّ الرياضة تُنشط العقل،  وانضممت كسفير في تلك المبادرة”.

وقال إنّ بدايته في تلك الأنشطة الخيرية، كانت من خلال جمعية “الوفاء والأمل” التي أطلقتها الراحلة جيهان السادات، “طلبت مني التعاون في الأنشطة الإنسانية للأطفال، وعملت مدرسة وقتها، وكان الفنان محمود شكوكو تجمعني به علاقة صدقة قوية، وطلبت منه لخبرته في عالم النجارة، أنّ يُساعدنا في صناعة مقاعد للطلاب، باعتباره عمل إنساني، وبالفعل توجه إلى الورشة وصنع كل المقاعد بنفسه”.

وأشار إلى تعيينه سفيراً في الأمم المتحدة للبرنامج الإنمائي لمدة 10 أعوام، “كنت سفيراً إقليمياً وأزور كل الدول العربية، وأتابع الأنشطة الخيرية الخاصة بالأطفال، وذات مرة طلبت من ملك الأردن الحسين بن طلال، أنّ يمنحني قطعة أرض في منطقة الزرقاء، كانت مخصصة للقمامة، والأطفال الذين يعيشون فيها يعاونون مع الأمراض، وهذه الأرض تحولت إلى حديقة كبيرة، ووجهت كل طالب بزراعة شجرة ويُطلق عليها اسمه ليتولى رعايتها، والمكان تغير تماماً وصحة الأطفال تحسنت لدرجة كبيرة”.

وتابع “في أبو ظبي، أخترت منطقة أيضاً وطلبت من الأطفال زراعتها، وأنّ يكون كل منهم مسؤولاً عن زراعة مساحة معينة، ويبيع المحصول ويجني أرباحه، فتحول الأطفال إلى مُنتجين بعدما كانوا عالة على أسرهم”، مُشيراً إلى وجوده في “بنك الفقراء”، قائلاً: “كنا نمنح أي شخص صاحب خبرة في مجاله 1000 جنيه، منهم صانع أجبان ونجح في جني الأرباح حتى أصبح رأس ماله 100 ألف جنيه”.

واختتم الندوة قائلاً: “وجودي في هذه الأنشطة الخيرية، كان بمثابة بيئة فتحت لي طاقة جديدة، فقد شاهدت العالم من نظرة ثانية تماماً، خاصة وأنني أحاول مساعدة الأطفال ليكونوا عنصر فعال في المجتمع”.

إلى الأعلى