أخبار عاجلة
“بلاك بانثر: واكندا للأبد”.. انتصار للقارة السمراء

“بلاك بانثر: واكندا للأبد”.. انتصار للقارة السمراء

متابعة بتجــرد: هوليوود هذه الأيام هواها إفريقي، تجاوزت مرحلة «العنصرية السينمائية» التي كانت غالباً ما تنحاز لاختيار النجم ذي البشرة البيضاء وتفضيله على صاحب البشرة السمراء من أصول إفريقية حتى وإن ولد وعاش وحمل الجنسية الأمريكية، وانتقلت إلى ما هو أبعد من ذلك، حيث تقدم أفلاماً عن القارة السمراء بقصصها وأبطالها وكل ممثليها، بل ذهبت أبعد أيضاً وأيضاً من خلال الانتصار للمرأة الإفريقية وجعلها بطلة بكل معنى الكلمة، تقود شعباً ودولة وجيشاً وتقاتل وتنتصر وتتفوق على الرجال.. فبعد «ذا وومان كينج» الذي شاهدناه في سبتمبر/ أيلول الماضي، أطلقت هوليوود فيلم «بلاك بانثر» في جزئه الثاني بعنوان «واكندا فوريفر» الذي ما زال يحقق نجاحاً في الصالات العالمية.

عام 2018 أطلقت شركة مارفل فيلماً يجسد الشخصية الكرتونية لديها «بلاك بانثر»، فيلم أحبه الجمهور وعرف نجاحاً مميزاً، لذا كان لا بد من استكماله بجزء ثان كما باتت تفعل شركات الانتاج عموماً والكبرى خصوصاً، ولأن بطل الشخصية الرئيسية («بلاك بانثر» الملك تتشالا) تشادويك بوسمان الذي قدم أداء رائعاً في الفيلم الأول، توفي عام 2020، ارتأت مارفل أن تقدم له تحية في هذا الفيلم الجديد، مستعيدة مجموعة لقطات له من الفيلم السابق، بادئة «واكندا فوريفر» أو «واكندا للأبد» بخبر مرض الملك تتشالا ووفاته ومشهد جنازة مهيب له، يمزج فيه المخرج بين طقوس قبائل إفريقية وطقوس فرعونية منها مثلاً نقش شكل الملك النمر على نعشه وتكتيف اليدين تماماً كتكتيف يدي الملك الفرعوني.

أحداث القصة

تنطلق أحداث القصة من هنا التي كتبها وأخرجها كما الفيلم الأول راين كوجلر وشاركه في الكتابة جو روبرت كول، مع حرص واضح على استمرار وجود الأبطال الأساسيين مع تقدم أدوار البعض وتراجع البعض الآخر بما يتناسب والقصة، شوري شقيقة الملك (ليتيسيا رايت)، حبيبته وزوجته ناكيا (لوبيتا نيونجو)، والدته راموندا (أنجيلا باسيت)، الجنرال أوكويا قائدة الجيش (داني جوريرا)، أيو (فلورنس كاسومبا)، إمباكو (وينستون ديوك)، مارتن فريمان (إيفيريت روس) وغيرهم.. لافت أنه لم يتم استبدال الملك النمر برجل أسمر يحل مكانه ويتولى قيادة شعبه في واكندا، بل آلت كل الأمور إلى النساء، فرأينا الأم هي الملك من بعد ابنها وتحكم شعبها، ثم تليها ابنتها الأميرة شوري.

الأقوى حضوراً

العنصر النسائي هو الأقوى حضوراً وذكاء وقوة بدنية أيضاً، رغم وجود الكثير من الرجال مثل إمباكو ونايمور (تينوك هويرتا) أو كما يلقبونه كوكولكان وهو قائد الشعب الأزرق الذي يعيش تحت الماء ويتحدث لغة المايا. لا بد من وجود معركة في مثل هذه الأفلام، والمعركة لا بد أن تكون إبادة شعب أو شعوب أو حتى العالم وحرب بقاء وحياة، وبعد رحيل الملك تتشالا، تتسلم والدته الحكم، سيدة واثقة بنفسها، شديدة الذكاء، وتؤديها النجمة أنجيلا باسيت باقتدار، وتبدأ حكمها بمواجهة الأمم المتحدة وإحباط محاولة للجيش الفرنسي للاستيلاء على الفابرينيوم الذي يعتبر المورد الرئيسي لواكندا، فتحبط خطة يتآمر فيها الأوروبيون مع الأمريكيين للحصول على الفابرينيوم متهمين واكندا بتشكيلها خطراً على العالم في حال تم استخدامه، خصوصاً أنه غير موجود إلا في هذه الجزيرة الإفريقية، أو هكذا كانوا يعتقدون وكذلك كانت تعتقد الملكة إلى أن ظهر من يهددها وينافسها باعتباره يملك الكثير من الفابرينيوم في مكان غير بعيد من واكندا.

هجوم صوتي

كعادته سلاح المخابرات الأمريكي يتحرك بسرعة، وقد وضعوا جهازاً كاشفاً للفابرينيوم في المحيط الأطلسي، وفجأة يتعرض كل الطاقم لما يسمونه «هجوماً صوتياً» يخدر الجنود ويدفعهم لرمي أنفسهم من أعلى السفينة في البحر، تنجو منه فقط دكتور جراهام (لايك بيل). الفيلم يمشي عكس ما عودتنا عليه هوليوود طوال السنوات الماضية، ينتصر للشعب الأسمر على حساب الأبيض، يعلي من شأنه ومن شأن المرأة بينما يبدو «الأبيض» أقل ذكاء بل وساذجاً في أحيان كثيرة. خذ مثلاً ريري (دومينيك ثورن) ابنة ال 19 عاماً التي تتفوق بعبقريتها على كل زملائها في الدراسة وحتى على الأساتذة، ابتكرت جهاز كشف الفابرينيوم الذي استخدمته دكتور جراهام، الأميرة شوري عالمة عبقرية أيضاً، ابتكرت بذة ذكية بل إن واكندا البلدة الإفريقية كلها بمن فيها سابقة لعصرنا، «سوبر متطورة» الذكاء الاصطناعي فيها أمر عادي ومتوفر أينما كان، وسائل النقل والطائرات كأننا في عالم المستقبل، بينما حين تصل شوري مع الجنرال أوكويا إلى أمريكا للقاء عميل المخابرات الأمريكي روس الذي يدعمهم ويتعاون مع واكندا سراً، وللقاء ريري والعودة بها إلى بلدها، سخرتا من هاتف الآيفون باعتباره اختراعاً قديماً.

طرف ثالث

تتوقع أن تكون المعركة بين واكندا وأمريكا، لكن راين كوجلر يختار عدواً آخر، طرف ثالث يبعد الصراع عن الأرض الأمريكية لتتحول إلى معركة بين واكندا ونايمور المجنح القدمين المتعالي على جيرانه (شعب واكندا) باعتباره يمتلك كمية ضخمة من الفابرينيوم تحت الماء لا يعلم بوجودها أحد، ويريد أن تنضم إليه واكندا في معركته للقضاء على باقي دول العالم من أجل الانتقام من الإسبان الذين غزوا بلدة أمه عام 1571، فاضطرت للهجرة مع شعبها إلى جزيرة وجدوا فيها عشبة زرقاء فحسبوا أنها سحرية وما إن تناولوها حتى منعتهم من استنشاق الأوكسجين والاختناق ما لم ينزلوا للعيش كالأسماك تحت الماء.

تتقلب الأمور وتجد شوري نفسها مضطرة لقيادة شعبها مرتدية سترة القتال الخاصة بالملك النمر، حرب شرسة تقودها 4 فتيات هن شوري وأوكويا وريري وناكيا -وتعكس قوتهن 4 ممثلات بارعات- لمزيد من التأكيد على قدرة المرأة وذكائها، تذكرنا هنا أيضاً بفيلم «المرأة الملك» «ذا وومان كينج».. الفيلم يلمح إلى أن الحروب الحالية هي حروب «موارد»، والأسلحة كلها متطورة والذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا جزء أساسي فيها.

النهاية.. مفاجأة مخبأة

نعرف كيف ستكون النهاية، لكن المهم أن المخرج يترك هذه التوقعات جانباً مخبئاً مفاجأة لا يظهرها إلا بعد عرض تتر الختام كاملاً، مع لفت نظر الجمهور إلى عدم المغادرة لأن الأحداث لم تنته، والمفاجأة لا يمكن تناول تفاصيلها حتى لا نحرق الفيلم، إنما تؤكد أن «بلاك بانثر» سيعود إلينا بجزء ثالث، والتشويق مستمر.

يواصل «بلاك بانثر: واكاندا فوريفر» تحليقه عالياً في شباك التذاكر محققاً أرباحاً ضخمة للشركة المنتجة مارفل، حيث تجاوزت إيراداته حتى كتابة هذه السطور 734 مليون دولار، بينما بلغت ميزانيته 250 مليوناً، فهل يكمل صعوداً ليحقق الرقم الخيالي الذي حققه الجزء الأول بنحو مليار و382 مليون دولار؟

وحصد العمل، وهو تكملة لفيلم «بلاك بانثر» الذي حقق نجاحاً كبيراً في عام 2018 ويوجّه تحية إلى نجم الجزء الأول تشادويك بوسمان، حتى الآن 393.7 مليون في أمريكا الشمالية وحدها و339 مليوناً في بقية أنحاء العالم.

إلى الأعلى