متابعة بتجــــــــــرد: عُرض مساء الأربعاء فيلم Meheret على شاشة “أم تي في” اللبنانية، بعدما حال وباء كورونا المستجد حول العالم دون إمكانية إطلاق أولى عروضه في دور السينما اللبنانية والعربية والعالمية.
الفيلم من كتابة كلوديا مارشليان وإخراج فادي حداد، ومشاركة نخبة من الممثلين اللبنانيين هم: كارين رزق الله، إيلي متري، مارينال سركيس، غريتا عون، جورج حران، سلطان ديب والبطلة جينيت ابيرا بونسا مؤدّية دور ميهيريت التي يحمل الفيلم اسمها، وإنتاج منظمة “كفى عنف واستغلال” وتنفيذ Retina Films.
ميهيريت هي عاملة منزل إثيوبية دفعتها الحياة كزميلاتها للسفر إلى لبنان لتأمين معيشة ابنتها الصغيرة ودراستها. تشاء الظروف الاقتصادية التي يمرّ فيها لبنان تزامناً مع فيروس كورونا أن تشارك عاملات المنزل دفع الثمن مع الشعب اللبناني في معيشته الصعبة المتأثّرة بالانهيار الاقتصادي، فمنهن من ألقي القبض عليهنّ في الشوارع بعدما عجزت عائلات كثيرة عن دفع أجورهنّ بالدولار (الكاش) أو ما يقابل بسعر الصرف في السوق السوداء.
حبكة العمل
ميهيريت هي العيّنة التي انطلقت منها حبكة العمل، لتتشعّب من خلالها قصص تلقي الضوء على نظام الكفالة المجحف في لبنان بحق العاملات، والظلم الذي يتعرّضن له من جانب عائلات تتخلّى عن مشاعر الرحمة وتقرّر أن تحوّلهن من عاملات إلى عبدات. ويقدّم في المقلب الآخر عيّنة أخرى عن عائلات قدّرت وجودهن وعاملتهن كفرد من العائلة، حضنتهن في عز محنهن. الفيلم الذي حمل توقيع فادي حداد إخراجياً، لم يغفل من خلال الرسالة التي أراد إيصالها إلى العالم حول هذه القضية، جمالية بيروت بشوارعها وأحيائها بواقعية متفنّنة بعدسته التي طالما لمعت في الكليبات التي قدمها مع أهم نجوم الوطن العربي. ولأنّ قصة الفيلم واقعية، أتت نهايتها مؤلمة ومفاجئة، يتحدد مصير أبطالها بعد الساعة السادسة وست دقائق، توقيت انفجار مرفأ بيروت، حيث تموت أحلام الظالم والمظلوم.
يعلّق المخرج حداد بفخر على العمل المقدّم ويقول لصحيفة “القبس” رسالة الفيلم سامية وهي المرة الأولى التي تطرح فيها قضية كهذه وبهذه الجرأة”. ويلفت إلى أنّ “الفيلم ليس عن عاملات المنازل فحسب، بل يسلط الضوء على المرارة التي يشعر بها كل مغترب في هذا العالم. يروي مرارة الوضع الاقتصادي في لبنان وعملة الدولار النادرة، لتقع الواقعة وتتخذ آلاف العائلات قرارات لبس البعض منها ثوب الإنسانية في شأن ترحيل العاملات بكرامتهن وكامل حقوقهن، بينما ألقيت أخريات في الشوارع مسلوبات الحقوق الإنسانية والمادية ضحّين لأجلها سنوات لأجل عائلاتهن”.
منبر لبنان
ويضيف حداد “صحيح أنّ القصّة اتّخذت منبر لبنان لسردها، لكنّها تنطبق على أي دولة موجودة فيها هذه العاملة، حيث تواجه الجيّد والسيئ. تقصّدنا في الفيلم إبراز الوجهين، هناك المظلومات منهن وهناك من يقدمن على السرقة. لم نتحيّز، بل عرضنا بأمانة ما هو واقعي”، معتبراً أنّ “نظام الكفالة في لبنان يجب أن يُلغى، هو نظام استعباد، بينما في الواقع هو عمل شريف تؤديه هؤلاء حتى لا تموت عائلاتهن من الفقر. الفيلم مؤثّر في سرده لمجموعة الأحداث التي تواجهها الفتاة ميهيريت، وتشعّبنا منه لنلقي الضوء على جوانب كثيرة أتت بمثابة عيّنة عن واقع معاش في تفاصيل أبعاده”، مشدداً على أنه أراد إطلاق “صرخة من لبنان إلى العالم العربي لأجل عاملات المنازل والقصة المطروحة تصيب كل منزل”.
يعوّل حداد على تحقيق الفيلم الصدى المنشود في العالم، إذ لم يسمح لكورونا بإعاقة حركته لنشر هذا العمل، الذي لا يبغي الربح، إلى أوسع شريحة ممكنة، ويقول “أتمنى أن يصبح Viral، وسيوزّع على المنصات العالمية”، ويضيف “هو نقلة نوعية في مسيرتي. انتظرت النص والقصة المناسبين، سبق ان قدمت فيلم مهراجا وحقق نجاحاً، لكن هذا الفيلم مختلف لما يحمله من مشاعر كبيرة”.
معايير التصوير
بالنسبة إلى حداد، العمل جاء متكاملاً من ناحية الورق والممثلين وصولاً إلى الصورة “اعتمدنا أعلى معايير التصوير السينمائي وجاءت متكاملة مع الألوان والمونتاج”. من دون أن يغفل الجانب الوجداني الذي يرغب دوماً في الإضاءة عليه في مشهديات شوارع بيروت وأحيائها من الجميزة والأشرفية، مقدّماً الصور الحيّة عنها قبل الانفجار وبعده، إذ صودف تصويره أحد الكليبات في هذا اليوم، فوثّق اللحظة “علمتُ منذ بداية نشوب الانفجار إلى أين نحن ذاهبون، فوثّقت وبكل أسف المشاهد”.
هو مشهد وثّقه وأنهى فيه قصة الفيلم، لكن في جعبة حداد مشاهد حيّة أخرى ينتظر الوقت المناسب لبلورة القصة التي عدل عن تسميتها بـ(عنبر 12) بعدما كثرت الأعمال التي تحمل العنوان نفسه، لكنه يعد بأنّه ماضٍ في الكشف عما حصل لبيروت المنكوبة لأجل حقوق الناس “لن أهاجر من هذا البلد، سأسعى إلى استحضار جميع الأعمال من كل الدول إلى لبنان لأساعد أولاد بلدي، فالتسويق السياحي هدفي الدائم قبل الأزمة وبعدها”.
نسأل حداد عن التحدّي في تحقيق النجاح، لا سيّما بعد نجاحات كبيرة له في عالم الكليبات، فيجيب “أحب الموسيقى والدراما، وشرف لنا أن يقال عنا بإننا مخرجو كليبات وإعلانات، فنحن نهتم في أعمالنا بأدق التفاصيل وهذه نقطة القوة”.
يستعد حداد هذا الأسبوع لتصوير كليب مع الفنان وائل جسار، يتبعه تعاون مع الفنان المصري هيثم سعيد وآخر مع روان عليان ويعد الجمهور بمفاجأة مع “لايف ستايلز استوديوز” في تعاون مع فنان كبير.