أخبار خاصة

محكمة الرباط تنظر الأربعاء في دعوى لوقف مسلسل “فتح الأندلس”

متابعة بتجــرد: تنظر اليوم الأربعاء المحكمة الابتدائية (درجة أولى) في الرباط في قضية وقف مسلسل “فتح الأندلس”، التي رفعها مواطن مغربي ضد الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة المغربية التي تبث المسلسل على قناتها الفضائية الأولى.

وينوب المحامي المغربي محمد ألمو عن مواطن اسمه رشيد بوهدوز، يقطن في مدينة الناظور (شمال البلاد)، يطلب استصدار أمر استعجالي بإيقاف المسلسل الذي أخرجه الكويتي محمد العنزي. وقال في الدعوى التي اطلعت عليها “القدس العربي” إنه فوجئ وهو يتابع البرامج الرمضانية على القناة الأولى ببث مسلسل يعرض بعد الإفطار طيلة رمضان على مدار 33 حلقة، وهو مسلسل من المفترض أنه يتناول قصة القائد طارق بن زياد خلال رحلة فتحه للأندلس من خلال استعراض أحداث ووقائع تعكس الصعوبات التي واجهها في هذه العملية ضمن فترة التحضير لعبور البحر خلال الحقبة التاريخية الواقعة بين 96 و 89 هجرية و 709 إلى غاية 715 ميلادية.

وأضاف أن هذا المسلسل حظي بمتابعة كبيرة بحكم بثه أثناء عملية الإفطار التي تشكل ذروة المشاهدات التلفزيونية من طرف مختلف فئات المجتمع المغربي، مما يجعله في وضع متميز من حيث تأثير محتوياته على جمهور واسع من المغاربة. ولاحظ صاحب الدعوى أنه على امتداد أربع حلقات المعروضة لحدود الآن، فوجئ ومعه الغالبية من متابعي المسلسل أن المحتوى لا ينسجم مع ثوابت التاريخ العريق للمغرب، إذ أن أحداث هذا المسلسل والشخصيات التي لعبت الدور المحوري فيها تنشر مضامین تحتوي على عدة مغالطات تاريخية مسيئة للبديهيات التاريخية والجغرافية للمغرب ومخالفة بذلك ما أجمعت عليه أغلب المصادر التاريخية العلمية والتي أرخت للأحداث التي يتناولها المسلسل المذكور.

وأعطى مثالا على ذلك بأن الشعب المغربي يعتبر سبتة مدينة مغربية في حين أن المسلسل يسوق لدى المشاهد المغربي معطيات تاريخية مغلوطة حول هذه النقطة من خلال تحريف هوية وانتماء حاكم هذه المدينة عبر جعل جنسيته قوطية إسبانية متعارضا بذلك مع أغلب المصادر التاريخية التي أشارت إلى هذه الشخصية التي تدعى الملك يوليان الغماري (ملك مدينة سبتة المغربية حوالي سنة 700 م) هو ملك أمازيغي موري مغربي حسب المصادر “ابن عذاري المراكشي” واسمه الحقيقي” أولبان” من قبيلة غمارة التي هي فرع من قبيلة مصمودة الامازيغية المتواجدة غرب الريف.

وتابع صاحب الدعوى قائلا “المسلسل لم ينجح في تقديم صورة حقيقية عن طارق بن زياد، من يكون ومن أين جاء، إذ يبدو من خلال أحداث المسلسل كشخص أجنبي تابع بشكل مطلق لشخصية موسى بن نصير، في حين أن أغلب الوثائق والمستندات الإيبيرية التي تناولت شخصية طارق بن زياد منذ القرن الرابع عشر قدمت وصفا دقيقا لهذه الشخصية، إذ قدمته باسم القائد المغربي طارق كحاكم كبير مستقل عن اي تبعية أو وصاية معينة للأمويين أو موسى بن نصير.

وتابع “رغم أن المغرب عرف تاريخيا بهوية عمرانية متميزة إلا أن تصوير أحداث المسلسل بمناطق في سوريا وتركيا أثر بشكل كبير على هذه الهوية حيث تبدو أغلب المشاهد بعمارة بيزنطية مشرقية؛ بالإضافة إلى “عدم مراعاة الخصوصية المغربية التاريخية في اللباس المستعمل في المسلسل، حيث أظهرت أغلب المشاهد المغاربة بلباس مشرقي في تغييب تام للمسة والتميز المغربي في مجال الملابس”.

واعتبرت الدعوى أن الاستمرار في عرض هذا المسلسل يمثل زعزعة للعقائد الوجدانية المترسخة لدى المغاربة حول تاريخ وجغرافية ورموز بلدهم وانتمائهم القومي، وهو الأمر الذي يتنافى مع الرسالة المطلوبة في الأعمال الفنية التاريخية.

وطلب صاحب الدعوى من المحكمة أمر المدعى عليها (الفضائية المغربية) بإيقاف بث مسلسل ” فتح الأندلس” تحت طائلة غرامة تهديدية قدرها مائة درهم عن كل يوم تأخير عن التنفيذ.

وكان برلماني من حزب “الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية” (المعارض) قدم سؤالا لوزير الشباب والثقافة والتواصل حول مسلسل “فتح الأندلس” الذي تقدمه القناة الأولى خلال شهر رمضان مطالبا تدخل الوزارة الوصية لإيقاف عرض هذا المسلسل.

وفي مقابل التعليقات والتدوينات التي هاجمت المسلسل، سارع العديد من الفنانين والنقاد للدفاع ، حيث كتب خليل الدامون “المسلسل عمل تخييلي يحمل في طياته وجهة نظر صاحبها، وجهة نظر بطبيعة الحال قابلة للنقاش لا المنع والإلغاء”.

وكتب المخرج والناقد عبد الإله الجوهري “في هذه اللحظة التي تتحرك فيها الدبابير، من أجل تكريس تقاليد غريبة عن المغرب والمغاربة، تقاليد المنع والخنق، أعبر عن شديد امتعاضي من سلوك هذا المحامي الباحث عن الشهرة الخاوية الذاوية.” كما أعلن تضامنه المطلق مع صناع مسلسل “فتح الأندلس”، “حتى وإن اختلفت معهم في مقاربتهم لتاريخ بلادي فكريا وفنيا وتقنيا”، كما قال، مطالبا في نفس الوقت بضرورة الاشتغال الجاد على التاريخ المحلي “من خلال إنتاج أعمال تشرف المغرب والمغاربة وتحفظ تاريخنا من السطو والسرقة”، وفق تعبيره.

وفي الاتجاه نفسه، قال المخرج المسرحي والممثل زكريا الحلو في تدوينة له ” أحسن طريقة للرد على أي نوع من التناقضات أو الأخطاء أو التلاعبات بتاريخنا هي قدرتنا نحن على معالجته وإعادة إنتاجه دراميا من وجهة نظرنا وبمعية مثقفينا ومؤرخينا وتحت إشراف مؤسساتنا الوطنية، وبمستوى يمكننا من ترويجه داخليا وخارجيا، غير ذلك سنبقى نستهلك ما ينتجه الآخرون عنا ونشجب ونغضب وننتقد في وسائل التواصل الاجتماعي”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى