نقلنا لكم – بتجــرد: يلقّب ماندو العدل بـ”المخرج الصادق” حيث يمكنه تقديم القضايا بشكل مختلف، كما أنه يبحث دائماً عن الأعمال المميزة من خلال القصص والأبطال الذين يجسدون شخصياتها. وفي مسلسله الأخير عمل العدل على تقديم عمل يدعم النساء، وهو العمل الثاني الذي يقدمه مع الكاتب إبراهيم عيسى بعد فيلم “صاحب المقام”.
ومع عرض مسلسل “أمل فاتن حربي” كان هذا المخرج الشاب السبب في تغيير بعض الإجراءات التي كانت سببا في معاناة الأسر مع قوانين الأحوال الشخصية، خاصة بعد تصريحات الرئيس عبدالفتاح السيسي حول العمل. عن كل هذه الأمور كان له هذا الحوار مع “العربية”. إلى نصّ الحوار..
هل كنت تتوقع كل الجدل الذي أحدثه المسلسل ووصول الأمر إلى رئاسة الجمهورية؟
بالفعل كنت أتوقع أن يثير العمل جدلاً كبيراً وانقساماً، لأن موضوعه شديد الاشتباك مع القانون والدين. كما رأى البعض أن العمل متحيّز للسيدات أكثر من الرجال، لكن هذا الأمر يرجع لأن السيدات مهضوم حقهن أكثر من الرجال بسبب القوانين، فالمرأة تعتبر الطرف الأضعف الذي يحتاج لتسليط الضوء عليه. هذا الأمر لا يمنع وجود نماذج لرجال يتعرضون للظلم، وتم عرض نماذج منهم في العمل الدرامي. وكانت سعادتي كبيرة بتصريحات الرئيس السيسي وسرعة الاستجابة لعمل قانون للأسر المصرية لتحسين أوضاعها. وأشكر الرئيس السيسي على التوجيه بإعداد قانون أحوال شخصية يحقق عدالة. وأعتبر توجيهات الرئيس وساما لكل العاملين في مسلسل “فاتن أمل حربي” حيث تماشى المسلسل مع توجيهات القيادة السياسية. ويسعدنا أن الوضع يتحسن، فهذا دور الفن مثلما حدث في فيلم “أريد حلا” وعرضه لقضايا هامة بشأن قوانين الأحوال الشخصية. كما أن مقارنة عملي بفيلم “أريد حلا” ومقارنتي بأسماء كبيرة مثل الفنانة فاتن حمامة والمخرج سعيد مرزوق شرف لي، فهذا العمل طُرح منذ أكثر من 50 عاماً، وساهم في تعديل قانون الطلاق.
هل العمل من فكرتك؟
نعم، فقد شاهدت نماذج كثيرة لسيدات لديهن مشاكل مع قانون الأحوال الشخصية خلال السنوات الأخيرة، وعرضت على الكاتب إبراهيم عيسى الفكرة لتقديم فيلم سينمائي، وقد تم تأجيلها لفترة. وعندما تعاقدت مع “العدل جروب” على عمل درامي من بطولة نيللي كريم اتفقت مع عيسى على تحويل الفيلم إلى مسلسل.
وما سبب اختيارك لاسم “فاتن أمل حربي” عنواناً للمسلسل؟
كان هذا الاسم الأخير الذي توصلنا إليه للعمل، فـ”فاتن” يرمز للفنانة فاتن حمامة، و”أمل” يعبّر عن شعور الأمل لدى البطلة التي تُحارب من أجل تحقيقه. وكان هناك عدة أسماء مقترحة قبل هذا الاسم، ومنها “أحوال شخصية” ثم غيرناه إلى “فاتن لا تزال تبحث عن حل”، كون الفنانة فاتن حمامة قدمت فيلماً سينمائياً بعنوان “أريد حلاً”، إلى أن توصلنا للاسم النهائي “فاتن أمل حربي”.
وهل كانت نيللي كريم وشريف سلامة اختياراتك الأولى لبطولة العمل أم كانت هناك ترشيحات أخرى؟
بالفعل لقد كانا أول الترشيحات لبطولة العمل. وعندما كتبت دور “سيف الدندراوي” لم أر فيه سوى الفنان شريف سلامة، فكنت أريده لأنني أعلم جيداً أن لديه هذه الجزئية، وأعرف كيف سأخرجها منه، فهو ممثل موهوب وعمل معي من قبل في مسلسل “الخروج”، وأتابعه منذ أن كان في مسلسل “حضرة المتهم أبي”.
وكيف وجدت شخصيتي “شكيب الإسكندراني” و”الشيخ يحيى”؟
نموذج المحامي الذي قدمه الفنان محمد ثروت من خلال شخصية “شكيب الإسكندراني” مستقى من نسيج المجتمع، وهي شخصية موجودة وبكثرة. هو مثال للشخص المهتم بالشهرة على مواقع التواصل فقط، كما أنه مثال للمحامي غير الناجح الذي يسعى دائماً للحصول على ما يُريده باستخدام الحيلة. وهذه الشخصية كانت مكتوبة بشكل جيد، وقد أضفنا لها أنا وثروت أشياء وتفاصيل كثيرة وطعما مُختلفا، مثل “الإفيه” الخاص بالمحكمة الدستورية، وأنه يخشى من الوقوف أمامها لأنه محام صغير. ومحمد ثروت موهبة كبيرة فهو ممثل شاطر يستطيع تقديم كافة الأدوار، وكل تجاربه معي أثبتت ذلك.
أما “الشيخ يحيى” فلم أر أية مُغامرة في اختيار الفنان محمد شرنوبي لتجسيد دور هذا الشيخ الأزهري، فهو ممثل موهوب، وقدم من قبل أعمالا كثيرة، وهو نجم محبوب ويتمتع بقاعدة جماهيرية عريضة، وقدم الدور بامتياز، لكني حذّرت شرنوبي من أنه سيتم مهاجمته من قبل التيارات المتشددة بسبب شخصية الشيخ يحيى.
ولماذا تم استخدام “الفلاش باك” ضمن أحداث العمل؟
استخدمناه للفصل بين الماضي والحاضر، فالمسلسل يبدأ بمشهد الطلاق، والجمهور لا يعلم قصة الأبطال، فكنا نبحث عن طريقة نحكي بها تفاصيل علاقة فاتن وسيف دون تغيير في البناء الأساسي للقصة. و”الفلاش باك” لم يسلط الضوء على المشاكل بين فاتن وسيف فقط ولكنه أظهر اللحظات السعيدة في علاقتهما في فترة الخطوبة. ومن الطبيعي أن أظهر المشاكل السابقة بين الثنائي ليفهم المشاهد مأساة البطلة وسبب إصرارها على تغيير القانون وانفصالها عن زوجها.
شكك الكثيرون في الأمور الفقهية الخاصة في العمل.. فما ردك؟
المسلسل لم يخرج ليقول لجمهوره “لا تصلي أو لا تحج أو لا تصوم، فكلمة ثوابت الدين كلمة مطاطية”. ومشكلة المشككين والمعترضين على العمل سببها ليس “هدم ثوابت الدين” ولكن سببها أنه يهدم أفكارهم ومنهجهم الذي يريدون تصديره للعالم العربي وللأمة الإسلامية. نحن نقدم نماذج موجودة في الواقع وبكثرة، ومن الطبيعي عندما أقدم عملا عن قانون الأحوال الشخصية أن أقدم النموذج الذي لديه مشكلة، والذي لا أريده أن يكون متواجداً في الواقع.
والعمل اتخذ خطاً دينياً، وقد تطرقنا بشكل حاد في مسلسل “فاتن أمل حربي” لتجديد الخطاب الديني لأن قانون الأحوال الشخصية تسبب في الأذى لملايين السيدات في مصر والوطن العربي، وهذا القانون مستمد من تشريعات دينية أصدرها بعض الفقهاء، فهل هذه التشريعات سليمة بنسبة 100% ولا يمكن النظر إليها وتعديلها؟ هي في النهاية أمر بشري يأخذ منه ويُرد، فمن هنا جاء المُبرر الدرامي للتركيز على الخط الديني.