أخبار عاجلة
“علّي صوتك” فيلم مغربي بنبض شباب الهيب هوب والراب.. حلٌ للفقر والتطرّف؟

“علّي صوتك” فيلم مغربي بنبض شباب الهيب هوب والراب.. حلٌ للفقر والتطرّف؟

متابعة بتجــرد: قريباً تعرض صالات لبنان الفيلم المغربي “علّي صوتك” الذي يمثل بلده في مسابقة الأوسكار، والذي عُرض العام الماضي ضمن المسابقة الرسمية لمهرجان كان.

“كازابلانكا بيت” كما هو عنوان الفيلم بالأجنبية، كتبه مخرجه نبيل عيّوش بالتعاون مع مريم توزاني، وأدّى بطولته أنس بسبوسي بجدارة. أما المراهقون الذين بني موضوع الفيلم على نبضهم وأسئلتهم وطموحاتهم، فهم أبلوا بلاء حسناً.

بقدر ما يشكّل جمود التعبير، وقسوة أحكام معلم الفنون “أنس” على طلابه المراهقين من صدمة، ويطرح التساؤلات عن الأسباب، بقدر ما يصل متلقي فيلم “علّي صوتك” في ختامه إلى مشاعر الأمل والفرح متسللاً إليه.

مُعلِم الفنون الذي كان فيما مضى فناناً يكتب الراب والهيب هوب ويغنيه، يتسلم مهمته في مركز لتعليم الفنون يقع على أطراف حي سيدي مومن الفقير إلى حدود العدم. مركز يسعى لإستقطاب الطلاب من هذا الحي والتواصل معهم عبر الرسم والموسيقى والغناء والرقص، علّه يحقق فرقاً في حياتهم.

يقدّم الفيلم فتيات وشباب هذا الحي من خلال حضورهم داخل المركز، كما ولا يسلخهم عن بيئتهم، بل يصور بعضهم ضمن بيئته الصغيرة وهي المنزل. أو يعرّف المتلقي على حياة هذا الشاب أو تلك الشابة من خلال سردياتهم الشخصية عن أسرهم، ومعيشتهم، ونمط العلاقات السائد بينهم.

وفي ذلك الحي يبقي الفيلم حضور الدين في حياة هؤلاء الشباب كفعل طبيعي. ويتركهم يدلون بدلوهم ومواقفهم من فعلة الإرهابيين الذين خرجوا من سيدي مومن سنة 2003 ليفجروا أنفسهم في مواقع متعددة من الدار البيضاء.

يُعرّف معلّم الموسيقى “أنس” طلابه إلى دور وأهمية الموسيقى في التعبير ورفض العنصرية والتمييز. يناقشهم ويسمعهم ويقسوا في احكامه على كتاباتهم البكر. يمرر لهم رسائله “مصدر قوتي أن يسمعني الناس” “حين أصبح فناناً كبيراً ستكون لكلمتي صدى”.

يستدرج “أنس” طلابه خطوة خطوة للإفصاح عن افكارهم وطموحاتهم. وتتدرّج كتاباتهم في رفع الصوت، وكذلك اعجاب استاذهم بهم كلما صوّبت عقولهم أكثر على حرية قولا وتفكيراً.

يترك لطلاب صفه فسحة تبادل الأفكار والآراء فيما بينهم. هم مراهقون تتراوح اعمارهم بين 12 و18 سنة. متنوعون في شكلهم الخارجي، من حجاب إلى سفور، ومن آخر خطوط الموضة إلى الكلاسيكي العادي لدى الشباب والفتيات معاً. بعضهم جسور مقدام في حرية قول ما يفكرون به والرد حتى على زميل متزمّت يُحمّل الفتاة مسؤولية تحرش قد تتعرّض له لكونها “غير محتشمة”؟

حين يقرر “أنس” الرحيل كي يستمر مركز الفنون، يعيش مع طلابه لحظات عاطفية مؤثرة، ويتابع تحريضهم بشكل غير مباشر “الحياة ليست صَدَقَة”. وهم بدورهم يكررون السؤال “ما هو مصير البْلاد”؟ كانوا في البدء ينسحبون إلى دواخلهم حين يبادرهم متسائلا عن معنى كتاباتهم ودورها في تغيير حياتهم، وبعضهم تدمع عيناه ألماً من الواقع.غادرهم وهم يودعونه بصوت موسيقاهم المرتفعة من فوق السطوح. ابتسم لهم بحب واقفل باب سيارته “بيته” عليه ومشى.

“علّي صوتك” فيلم مفعم بالحيوية وبنبض الشباب، حرص مخرجه نبيل عيوش على تضمينه صوراً بصرية غنية وذات دلالات. ترك باقة مراهقيه يفيضون بالتعبير الفكري والجسدي. يبقى سؤال له شرعية الإعلان عن نفسه في المشهد البصري، يختص بحجم حضور الكثير من ماركات الملابس والحقائب، التي ظهرت على اجساد هؤلاء الشباب في هذا الحي المُعد.

فيلم مشغول بجمالية على صعيد الصورة، ومحبوك بخفة ورشاقة لجهة السيناريو والحوار. انطلق من واقع الحياة بما تتضمنه من تراتبية سلطات وهرمية قمع، في العائلة أب يقمع الأم إن نجت من التعنيف. وأخ يقمع اخته، وكبير يقمع صغيراً. ورجل دين يقمع كل من له سلطة عليه. أما قمع الانظمة عبر اذرعها للشعب، فعنها حديث يطول.

رسالة عيوش البصرية جمالية بامتياز. وفي المقلب الأكثر أهمية يأتي السؤال المتنامي عن حال احزمة البؤس، وضواحي الفقر المعزول في مدن العالم كافة. فهل تشكل الموسيقى حلاً؟ قد تجعل الشباب ينتمون ويفكرون من خلال “مدرسة الإيجابية” إنما هل تؤمن لهم مدرسة وجامعة وعملاً؟ وهل تبعدهم عن التطرف الديني؟

إلى الأعلى