أخبار عاجلة
ما لم يقله “الأسد الملك”

ما لم يقله “الأسد الملك”

نقلنا لكم – جريدة “القبس” الكويتية: تساءل أحد النقاد بعد عرض فيلم “الملك الأسد” في نسخته الجديدة “لماذا كلفتم أنفسكم عناء القيام بذلك.. الإجابة عن ذلك هي الدولارات”. تبدو هذه الإجابة متسرعة بعض الشيء؛ إذ لو كان الفيلم غير ممتع، “ولا مفاجأة جديدة فيه” سوى الإبهار البصري والتقنية الجامعة بين الواقع الافتراضي والحركة الحية والصور الرقمية، وفق قولهم، فلماذا أقبل عليه الجمهور؟ واقع شباك التذاكر يؤكد احتفاظ الفيلم بصدارة إيرادات السينما في أميركا الشمالية للأسبوع الثاني، محققا 75.5 مليون دولار. لنعد إلى نسخة الفيلم الجديد نفسها التي تبدو أكثر واقعية، خاصة مع تقنيات الصورة ثلاثية الأبعاد.

توحي لنا الصورة الجديدة كما لو كنا نشاهد “الأسد الملك” الواقعي بعد الخيالي، وهكذا ننسى أنها قد أبعدت الواقع الفعلي مرتين. الواقع الفعلي هو قصة البشر والصراع على السلطة: الحسد والعداء والثأر، الحكمة والولاء، قوى الخير والشر وقد لبست جميها لبدات الأسود أو اصطنعت ريشا ومناقير.

حكمة الطير

ثمة إشارة سابقة لبعض النقاد تربط بين الفيلم ومسرحية شكسبير الشهيرة “هاملت”، ولكن قصص الحيوان تعود إلى أصول أبعد بكثير، حيث توضع الحكمة على ألسنة الطيور والثعالب وغيرها.

ما يشجع على هذا النوع من الأفلام ليس الجِدّة، بل التكرار وقد اكتسى مسحة جديدة. يتمثل التكرار في إلقاء الحكم والمواعظ التي يعمر بها الفيلم إلى درجة مدهشة، ومنذ اللحظة الأولى التي ينقض فيها “سكار” بمخلبه على طائر إيذانا برحلة الشر وعالم الظلام.

نحن أمام عالم منظم له حدوده التي تنتهي بالظلال والسبخات، حيث تختبئ الضباع. النور والظل هما المقابل ليس فقط للخير والشر، بل لانتظام الحياة واختلالها، وللأحقاد المطرودة خارج حدود العالم السعيد.

«أنا شجاع حيث لا يوجد خيار آخر»، هذا أحد الدروس التي يتعلمها الأسد (سيمبا) قبل أن يفقد والده الملك، والذي بدوره ينتهز كل فرصة ليعطيه درسا في آداب الملك، كما في حدود المغامرة التي من غير الواجب تخطيها.

يسعى سيمبا الصغير إلى الهرب من الوصاية، يريد أن يثبت لوالده أنه جدير بصفة الشجاعة. هكذا يهرب من الرقابة مع الملكة المستقبلية نالا، ويوشك أن يقع فريسة لعالم الظلال. يستبق الأب موته، ويقف مع الابن/ الملك المستقبلي تحت سماء مرصعة بالنجوم “الملوك ستكون هناك دائما لتوجيهك، لكن لا يمكن رؤيتهم، فعليك أن تستمر بالنظر”. اكتساب الحكمة وعلاقة الحاكم بالرعية، وانتظام الطبيعة المتجلي خاصة في الرقصات التي تكرر مشاهد طالما رأيناها: الغناء والرقص الجماعي لفصائل الحيوانات: التعدد والاختلاف.. أليس هذا ما يمكن ان يقال؟ تتخلل أصوات الآلات الموسيقية أصوات الحيوانات الطبيعية نفسها موقَّعة.

الماضي الحاضر

يهرب الواقع الفعلي لمشكلات الحاضر المعقدة الآن بإبعادنا إلى مساحة آمنة، عالم يمكن ضبط قواعده ببساطة. ويمكن ربط القيم فيه بنماذج حية تجسده بلا التباس. الماضي حاضر في هذا الفيلم، سواء بكونه النسخة الثانية، أو لكونه مؤسس سرد مرسي ذائع الصيت، أو أكثر من ذلك، لكونه اختار عالما يقدر على الفصل بين الخير والشر بسهولة، ويضبط إيقاع السياسة الرشيدة باعتبارها واجبا مقسوما بين عالمين: الملوك والرعايا.

الفيلم من ﺇﺧﺮاﺝ: جان فافريو، وﺗﺄﻟﻴﻒ: ليندا ولفيرتون (مبتكر الشخصيات) جيف ناثانسون (سيناريو وحوار).

طاقم العمل: دونالد جلوفر، سيث روجان، جيمس إيرل، جونز بيلي، إيشنر، جون أوليفر، بيونسيه نولز.

مهاب نصر

إلى الأعلى